سفر النشيد لا يصور محبة العريس لعروسه فقط؛ بل أيضًا سروره بها. فقد مدحها بقصائده الشعرية الثلاث (4: 1-5؛ 6: 4-1؛ 7: 1-9)، والأربع (4: 9-14). ولفها في حضنه مرة واثنتين (2: 6؛ 8: 3). كما أنه أجاب أشواق قلبها يوم طلبت تقبيلها، فأدخلها فورًا إلى حجاله، وبحبه غمرها. وإذ سَأَلَتْ عن مكان رعايته لغنمه (1: 7)، نصحها بأن تخرج على آثار الغنم (1: 8). وبعد التدريب أدركت تمامًا أنه بين السوسن يرعى؛ "الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ". كما أنه سهران على تدريبها. فإذ طلبته على الفراش، لم يعلن نفسه. ولكن إذ خرجت باحثة عنه، في المدينة، أعلن لها ذاته، بعد قليل "فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي" (3: 4). ومرة ثانية، إذ نامت، ولم تفتح، سمح بتأديبها "ضَرَبُونِي. جَرَحُونِي. حَفَظَةُ الأَسْوَارِ رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي" (5: 7). وأخيرًا يتابع نموها، حتى يكمل نُضجها "أَنَا سُورٌ وَثَدْيَايَ كَبُرْجَيْنِ. حِينَئِذٍ كُنْتُ فِي عَيْنَيْهِ كَوَاجِدَةٍ سَلاَمَةً" (8: 10).
قارئي المبارك: ما أكثر سرور واستمتاع المسيح بقديسيه! فهو لم يُخلصنا بدمه فقط، لكننا شبعه، وتعب يديه؛ وفخر تدريبه. لهذا يتغنى بنا في يو17: "الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي" سبع مرات (17: 2، 6(مرتين)، 9، 11، 12، 24). ومحبة المسيح تجلت، في تدبير النعمة، بشكل أسمى من أي وقت آخر "يَسُوعُ ... إِذْ ... أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى" ( يو 13: 1 ). ونحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً، أي لِمَا احتمله من آلام، وعار وموت الصليب. وهو يُقَدِّر محبتنا هذه له ( يو 14: 21 ). ليتنا نعي هذه العواطف المتبادلة، بين المسيح وقديسيه، بلا أي تحفظ؛ بل باكتفاء وشبع وسرور، لكل طرف بالآخر.