لا شك أن الحياة قصيرة وقد تنتهي في أية لحظة بدون مقدمات. فالموت حقيقة لا تُنكَر، وقوة لا تُقهَر، وعدو لا يُنذر. لهذا يقول المرنم: "عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ. هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا، وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ" ( مز 39: 4 ، 5).
وليس ذلك فقط بل إن مجيء الرب قد اقترب، وكما أشار الرسول بولس: "إِنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ ... قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ" ( رو 13: 11 ، 12)، وأيضًا: "الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّـرٌ ... لأَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ تَزُولُ" ( 1كو 7: 29 ، 31)، كذلك أكدَّ الرسول بطرس هذه الحقيقة: "فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟" ( 2بط 3: 11 ). الخليقة المادية ستنحل: "تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا" ( 2بط 3: 10 ). كذلك القيم الأخلاقية، والربط الأسرية، والمبادئ الإنسانية وحتى الروحية، الحكومات والعروش والجالسين عليها، هذه كلها تنحل، ليبقى عرش واحد؛ "عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ" لا يتزعزع ( رؤ 4: 2 ).
يقول الكتاب: "وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ ... وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ" ( تك 5: 22 -24). لقد فهم الإعلان أنه عندما يموت "مَتُوشَالَحُ" سيُرسل الله الطوفان الذي يمحو العالم القديم. وبناء على ذلك أخذ القرار الصحيح وسار ضد التيار. كذلك نحن يجب أن نعيش في سيرة مقدسة أمام الناس، وتقوى أمام الله، كلما شعرنا بقرب النهاية. ونحن أمامنا ثلاثة انتظارات هي: