وجَّه حَجي كلمته إلى قادة الشعب قائلاً: "هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: هذَا الشَّعْبُ قَالَ إِنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ" ( حج 1: 2 ). كان قول الشعب هذا ينم عن رغبة دفينة للاستعفاء من العمل، فلو كانت هناك قوة الإيمان لَمَا كان أمر أرتحشستا ليوقفهم حقًا، إذ إنه كان مناقضًا لأمر كورش، وكانت شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ كفيلة بأن تلغي الأمر اللاحق طالما كان ينسخ أمرًا أسبق. لكن الشعب وجد حجته إذ كانوا يطلبون كل واحد ما هو لنفسه، واستتبع ذلك تكاسل من جهة أمور الله، فانصرفوا كل واحد إلى بناء بيته، بينما أُهمل بيت الرب.
عندما لا يكون الضمير متيقظًا، يكون الشعب مستعدًا لتفسير الظروف المحيطة لتناسب رغائبه، وعندئذٍ تظهر الطاقة الكبيرة الكامنة في صُنع ما هو لراحتنا، بينما يبدو واضحًا عدم التقدير لكل ما هو لمجد الله. عندئذٍ يكون لدى القديسين الوقت والإمكانيات لعمل الكثير مما لا يفيد، بينما يجدون مشقة في أن يصرفوا ساعات قليلة في الاجتماع معًا، أو في أن يضعوا إمكانياتهم هذه لأجل تقدم الإنجيل، ولكن عندما يوجد تدريب للضمير، يوضع كل شيء في مكانه.
"وَالآنَ فَهكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ" ... انهضوا من نتائج الأنانية المُميتة، واحكموا على ذواتكم وطرقكم الماضية في حضرة الله. ضعوا الأهم في المكان الأهم، أعطوا الرب المكان الأسمى في القلب وفي الحياة. فلأنكم فقدتم عزم القلب في التعلق بالرب، لم يستطع الرب أن يبارك كما يُحِب (ع9)، ولأنكم لم تُعطوا الرب مكانه، ولأنكم أهملتم بيته، لذا نشأ القحط والجَدب، بدلاً من البركة والإنعاش (ع10، 11). نعم، ما أحوجنا في هذه الأيام إلى تلك الصيحة "اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ"، حتى يعود الرب ويباركنا.