في متى 8: 10 نجد أول ذكر للإيمان في العهد الجديد. كان أول ذكر للإيمان في العهد القديم مرتبطًا بإبراهيم "فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا" ( تك 15: 6 )، وهنا في قَائِد المِئَة الأممي نجد بحق ابنًا لإبراهيم ( رو 4: 16 ). ولهذا الأمر مغزاه العظيم، وهو أن الإيمان ليس وقفًا على جنس معين. فمع أن العلاقة الرسمية مع الله في ذلك الزمان كانت وقفًا على اليهود، حيث كانت بقية شعوب العالم تعبد الأصنام، لكن نعمة الله تستطيع في كل زمان، الوصول إلى أي مكان، وأن تُوجِد إيمانًا أعظم في أي إنسان. والرسول بطرس حين ذهب إلى بيت كرنيليوس الأممي، بدأ كلامه معه بالقول: "بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ" ( أع 10: 34 ، 35).
ومن هذا نتعلم درسًا هامًا، وهو أن النعمة من جانب الرب التي ظهرت في استعداده للتعامل مع الأمم، ينبغي أن يقابلها من الجانب الآخر إيمانًا في الأفراد. فالخلاص هو بالنعمة من جانب الله، وبالإيمان من جانب الإنسان. وإذا كان قَائِدُ المِئَةِ الأممي قد ميَّزه التواضع والإيمان، فإنه يمكن القول إن تواضع ذلك الرجل استجلب نعمة الله ( 1بط 5: 5 )، وإيمانه استقبل تلك النعمة ( أف 2: 8 ).
وهناك شخصان في إنجيل متى امتدح الرب إيمانهما، وهما رجل وامرأة. الرجل هو قَائِدُ المِئَةِ الذي أتى يطلب من أجل غلامه المفلوج ( مت 8: 10 )، والمرأة هي الفينيقية التي أتت لتطلب من أجل ابنتها المجنونة جدًا ( مت 15: 28 ). وهناك عوامل مشتركة بينهما، أولها أن الاثنين من الأمم، وثانيًا أن كليهما لم يطلب لنفسه بل لغيره، وثالثًا أن الرب في الحالتين شفى المرض، من على بعد، بمجرد كلمة خرجت منه.