ليس ضروريًا أن تكون كل وصايا الله مصحوبة دوامًا بمبررات أو أسباب، ولكنها دوامًا مصحوبة بوعود. إن إعطاء المُبررات يُثير المناقشات، أما إعطاء الوعد فإنه يُبين أن المبررات كافية، وإن كانت مُخفاة. الوعود يمكن فهمها تمامًا، أما الأسباب فقد تُسبب اضطرابًا في الأفكار. والوعود أمور عملية، أما الأسباب فهي أمور نظرية عقلية. وكما تُحيط القشـرة باللباب، هكذا أيضًا تُخفي الوصايا الإلهية وعودًا في طياتها.
فإذا كان هذا هو الأمر: "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ"؛ فهذا هو الوعد: "فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ" ( أع 16: 31 ). وإذا سمعنا الوصية: "اذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ"، رأينا ذلك الوعد يتبعها: "فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ" ( مت 19: 21 ). وإذا كان الأمر: "كُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي"؛ فهذا هو الوعد "يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" ( مت 19: 29 ). وإذا رأينا تلك الوصية: "اعْتَزِلُوا ... لاَ تَمَسُّوا نَجِسًا"، وجدنا ذلك الوعد يتلوها: "فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا" ( 2كو 6: 17 ، 18).
لهذا فإننا نجد راحة عظمى في التطلع إلى مواعيد الله الثمينة، بدلاً من التفكير في التضحيات التي تتطلبها. وعندما يجد المرء ماء الحياة في المسيح، فإنه يرتضـي بأن يترك جرَّته، كما فعلت المرأة السامرية. وعندما تمتلئ قلوب الشبان من جمال وبركة خدمة المسيح، لا يجدون صعوبة في ترك شباكهم وسفنهم وأصدقائهم وكل شيء ليتبعوه.
وكما قال أحدهم: "عندما تشتعل النيران في منزل، يكون البشـر مستعدين لإلقاء كل شيء من النافذة، وعندما يمتلئ القلب من محبة الله الحقيقية، بالتأكيد سيحسب المرء كل شيء آخر نفاية بلا قيمة".