"سَرِيرُنَا أَخْضَرُ" ألا نرى في السرير رمزًا جميلاً للشركة الهادئة مع ربنا المبارك، وراحة النفس الناشئة عن الوجود في القُرب منه بمعزل عن ضجيج العالم "تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً" ( مر 6: 31 ). هذه هي الراحة الصحيحة التي نستطيع أن نَظفَر بها في عالم البؤس والشقاء، وما أحلى وأشهى الثمار التي تتمتع بها النفس الرابضة في حضرة الراعي المبارك، وهذا ما تُشير إليه العروس بقولها "سَرِيرُنَا أَخْضَرُ". إنه "فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي" ( مز 23: 2 ).
ثم لنلاحظ أن العروس لا تقول "سَرِيري" لأنها لا تستطيع أن تتمتع بهدوء وهناء، ولا براحة وسلام بدونه. كما أنها لا تقول "سَرِيركَ" ليقينها بأن سروره ولذّته في تمتع النفس به وتمتعه هو بالنفس، ولكنها تقول "سَرِيرُنَا" لأن قُربنا من الرب وشركتنا معه تُنشئ سرورًا مُتبادلاً وشبعًا مشتركًا بيننا وبينه "أَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" ( رؤ 3: 20 ).
"جَوَائِزُ بَيْتِنَا أَرْزٌ وَرَوَافِدُنَا سَرْوٌ" ... الأرز الذي كان يُؤتى به من جبال لبنان الشامخة، هو أقوى وأمتن الأخشاب، وفي هذا نرى أن علاقة الرب بشعبه المحبوب الذي اشتراه لنفسه، علاقة متينة وثابتة لا يمكن أن تؤثر فيها عوامل الحياة المتقلبة.
أما السَرْو فهو رمز البهجة والجمال، فآلات الطَرب والغناء كانت تُعمل من خشب السَرْو ( 2صم 6: 5 )، هذا فضلاً عن أنه خشب مشهور برائحته الذكية، فنحن في حالة الشركة مع الرب داخل المقادس، نستنشق رائحة السرو ونستمتع بنغمات آلاته المُبهجة "أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ" ( مز 16: 11 ).
إن الأرز رمز الجلال والعظمة، والسَرْو رمز البهجة والبهاء "الْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ أَمَامَهُ. الْعِزَّةُ وَالْبَهْجَةُ فِي مَكَانِهِ" ( 1أخ 16: 27 ).