في يوحنا10 أول ما يفعله الراعي هو أنه "يَدْعُو خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ بِأَسْمَاءٍ وَيُخْرِجُهَا" (ع3). إننا لا نجد هنا صوتًا عامًا يدعو الجميع، بل صوت الراعي شخصيًا يدعو واحدًا من خرافه الخاصة باسمه. ولا بد أن يصل الصوت إلى قلب الخروف ويأتي بإجابة شخصية، ثم برابطة أبدية. ودعوة الراعي تُخرج الخروف من دائرة حياته القديمة ولا تُدخله إلى حظيرة مُسيَّجة فيما بعد، بل تأتي به إلى الراعي نفسه. وماذا يحدث للذين يسمعون صوته ويتبعونه منفصلين عن أوساطهم الأدبية الأولى؟ ماذا لهم إزاء المشاكل التي يواجهونها؟ هناك جواب واحد وهو أن الراعي "يَذْهَبُ أَمَامَهَا" (ع4). ويا للتعزية! ويا للمعونة! "يَذْهَبُ أَمَامَهَا"؛ إذًا فلا هم ولا اهتمام، بل ثقة بسيطة، وهو الذي يفتح الطريق ويحمي من الأخطار، ويرعى رعاية أمينة إلى النهاية.
ولكن في الحال يأتي الخطر الأول: "صَوْتَ الْغُرَبَاءِ" (ع5). فيقول: لماذا تتبعون الرب يسوع، إنكم بذلك تخسرون كل ما يمكن أن تقدمه لكم الحياة؟ وآخرون يحاولون أن يزرعوا الشكوك في العقل أو في القلب ـ شكوك من جهة شخصه، أو من جهة كلمته، أو من جهة طريق الإيمان. فماذا تفعل الخراف؟ "تهرب منهم" "أَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ" (ع5). إنها لا تناقش الغُربَاء، بل تهرب منهم، وتتكل على الراعي.
ولكن الراعي لا يُخرج الخراف فقط، ولكنه يُدخلها أيضًا "أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى" (ع9). يُدخلها إلى دائرة جديدة هو نفسه بابها. وهناك تجد الخلاص، والحرية، والمرعى والحياة، والحياة الأفضل. هناك طعام للنفس كل يوم، وهناك مراحم جديدة كل صباح. وكلما عرفته النفس أكثر، تمتعت بالحياة الأفضل.