عندما صار الكلمة جسدًا وحلَّ بيننا ( يو 1: 14 )، سمح الروح القدس للشيطان أن يُجربه ليتبرهن كماله المطلق، وأنه ناسوت قدوس غير قابل للخطأ. وقد أفرغ الشيطان كل ما في جعبته، عسى أن يجد فيه منفذًا فيدخل إليه ( مت 4: 1 -11)، ومع أنه نجح في تجربته مع آدم، ثم لمدة 4000 سنة اكتسب خبرات هائلة مع الإنسان الذي صار عبدًا له، لكن الحيَّة القديمة إبليس ( رؤ 20: 2 ) وجدت شخص المسيح صخرًا كاملاً ( تث 32: 4 ؛ 1كو10: 4)، وليس به أي ثغرة ( يو 14: 30 ). إنه "الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ" (1مو15: 47). فهو صنف مختلف، ومن مصدر مختلف.
إن الحيَّة تترك أثرًا على التراب أو على الرمل، لكنها لا تترك أي أثر على الصخر. ولمدة أربعين يومًا في البرية، كان الرب يُجرَّب من إبليس. ورقم 40 هو رقم الاختبار الكامل الكافي لإظهار حقيقة الشخص الذي يُجرَّب. وكانت تجربة الرب جزءًا من الطريق المفروضة عليه لإظهار كماله كإنسان، وما هو في حقيقة شخصه كالقدوس، وأنه لم يكن فيه شيء يتجاوب مع التجربة، لأنه "لَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ" ( 1يو 3: 5 ). لقد وُلِدَ قدوسًا، وعاش قدوسًا، "لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً" ( 2كو 5: 21 )، "لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً" ( 1بط 2: 22 )، "قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ" ( عب 7: 26 ). لقد جُرِّب في كل شيء مثلنا "بِلاَ خَطِيَّةٍ" ( عب 4: 15 ).
وهكذا تبرهن - كما تبرهن في كل حياته على الأرض - كيف كان أهلاً لأن يكون "حَمَل اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" ( يو 1: 29 )، وثبت أنه مُؤّهل تمامًا لأن يحمل الخطايا، ويواجه دينونة الله القدوس البار.