كانت أرملة صرفة عاجزة عن فهم غرض الله في مرض ابنها "فَقَالَتْ لإِيلِيَّا: مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟". فلا أثر لرفعة وعزة النفس المتلذذة بالشركة مع الله، ولم يبدُ منها الهدوء الظاهر، ولم تُظهر الخضوع المقدس وهي تجتاز في مياه التأديب الإلهي في محضر الله في الخفاء. "مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ!" قول يدل على القلق وعدم صبر الطبيعة المتمردة؛ شران جسيمان أو إثمان فظيعان! "هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي؟"، وهذا مما ينم عن حالتها الروحية الضعيفة. فلا يمكن فهم الغرض من التأديب الإلهي إلا في نور حضرة الله، فإن فاتنا هذا كانت النفس في خطر عدم الانتفاع به "وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ" ( عب 12: 11 ).
فتراءى لأرملة صرفة أن الغرض من معاملة الرب لها هو "تَذْكِير إِثْمها"، لكن مبارك الله إذ من امتياز المؤمن أن يعرف أن الله طرح كل خطاياه وراء ظهره وألقاها في بحر النسيان الأبدي، وهيهات أن يعمل على تذكير الإثم، بل يؤكد لنا السلام قائلاً: "لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ" ( عب 10: 17 )، فبدلاً من أن يرى خطايا شعبه يرى دم ابنه الحبيب الذي محاها إلى الأبد. فإن تذكّر الله خطاياهم ورأى تعدياتهم فكأنه يبرهن على أن دم الصليب غير كاف لمحوها.
فما هو الغرض من تأديب الله إذًا؟ "لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ" ( عب 12: 12 ). لا لغرض تذكير التعديات التي وعد بألا يذكرها فيما بعد، ولا لقصاص الخطايا التي دينت في شخص حامل الخطية على الصليب، إنما الغرض الصريح والقصد الواضح "لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ".