ينجي الله شعبه مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ. وهذا يُفهم بمعنيين: فالمفهوم الأول يعني أن يُنَجي مِنْ "فَخِّ الصَّيَّادِ" أي لا يدعهم يقعون في هذا الفخ أصلاً. أما الثاني فيعني أنه يُنَجي "مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ" إذا ما وقعوا في هذا الفخ.
فبالمفهوم الأول، كيف ينجي الله "مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ"؟ إن المصاعب غالبًا ما تكون أداة الله لخلاصنا. فالله يعلم أن ارتدادنا عن طريقه لا بد وأن يقودنا إلى خراب أنفسنا. وفي رحمته يرسل لنا عصا التأديب. وعندها نقول: يا رب. لماذا صار هذا؟ غير عالمين أن المصاعب التي تواجهنا هي الوسيلة التي يُخلِّصنا بها الله من شر أكبر بكثير. لقد أنقذ الكثيرون من الدمار بواسطة أحزانهم وصلبانهم، وكأن هذه الأحزان والمصاعب هي وسيلة لإخافة العصافير حتى يتنبهوا للفخ ولا يقعوا فيه. وفي بعض الأحيان يُنَجي الله شعبه "مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ" بأن يعطيهم قوة روحية هائلة بحيث أنه عند تعرضهم لإغراء فعل الشر، يقولون ما قاله يوسف "كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟" ( تك 39: 9 ).
ولكن من ناحية أخرى، يا له من أمر مبارك أنه إذا سقط المؤمن، في ساعة شريرة، في الفخ، فإن الله سيُنَجيه منه. أيها المؤمن المُتحوِّل عن الرب، قد تنطرح أرضًا ولكن لا تيأس. وقد تضل عن سَيِّدك، ولكن اسمع ما يقوله الفادي: "اِرْجِعُوا أَيُّهَا الْبَنُونَ الْعُصَاةُ فَأَشْفِيَ عِصْيَانَكُمْ" ( إر 3: 22 ). وقد تقول: لا أستطيع الرجوع لأنني أصبحت أسيرًا، فاسمع إذاً الوعد "لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ". نعم ستخرج من كل الشرور التي سقطت فيها. وقد يتكرر سقوطك وتوبتك عن طرقك، ولكن - الذي أحبك - لن يطرحك من قدام وجهه، بل سيستقبلك ويعطيك الفرح والابتهاج حتى أن العظام التي سحقها ستفرح. فلا يمكن أن يموت عصفور من عصافير الفردوس في فخ الصياد.