يُسجّل لنا يوحنا في إنجيله ثلاثة ظهورات للرب لتلاميذه. لم يكن تُومَا حاضرًا في المرة الأولى، عندما جاء الرب يسوع أولاً في وسط تلاميذه ( يو 20: 19 -24). قد يكون إهمال حضور الاجتماع أمرًا صغير الشأن في أذهاننا! ولكن تُومَا فاته الكثير في تلك الليلة بعدم وجوده بين إخوته! ولهذا فالكتاب لا يُحرضنا عبثًا، خاصة في هذه الأيام الأخيرة، "غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ" ( عب 10: 25 ). وكنتيجة لغيابه، فإنه كان غير مُصدِّق، ولم يكن له إيمان. وعندما قال التلاميذ لتُومَا: "قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!"، أجاب قائلاً: "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ" (ع25). أليس هذا شيئًا خطيرًا أن تشك في شهادة اُختبِرت وتبرهن صدقها بقوة. ولكن هذا لم يعنِ شيئًا لتُومَا. لقد حزم أمره أنه لا بد أن يرى ويحس.
وعندما ظهر الرب - للمرة الثانية - إلى خاصته، كان تُومَا معهم هذه المرة ( يو 20: 26 -29). ويجوز لنا أن نقول إن هذه الزيارة كانت خصيصًا لتُومَا. وكانت الكلمة الأولى للرب - مثلما كان الأمر في المقابلة الأولى - هي "سَلاَمٌ لَكُمْ!" (ع19، 26). لقد دعاهم الرب إلى الجو المُبارك الذي يُميِّز محضره؛ جو السلام والهدوء والراحة، حيث الله معروف لخاصته، وحيث يتمتعون بشخصه المجيد، وبالشركة معه.
ثم خاطب الرب تُومَا قائلاً: "هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا". وبهذه الطريقة انقشع الشك منه تمامًا. وتنازل الرب وطول أناته غمرا ذلك التلميذ المُصاب بالوساوس، وَالبطيء الْقلب فِي الإِيمَانِ، فعلى الفور "أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: رَبِّي وَإِلَهِي!" (ع27، 28). لقد انحنى وقدَّم السجود، وأصبح في تلك اللحظة عابدًا حقيقيًا.