لقد كان بطرس مستعدًا لإطاعة أقل وصية تخرج من فم السَيِّد. ولكن كيف يُتاح لذاك الذي قضى أيامه في حانوت النجار في قرية صغيرة جبلية أن يصدر أمرًا باتجاه سير السفينة وإلقاء الشبكة؟ أ كان منتظرًا أن يُظهر كفاءته في هذه الناحية أيضًا؟ لم يكن الصباح هو الوقت المناسب للصيد، فنور النهار يجعل خيوط الشبكة واضحة أمام السمك، ثم أن السمك لا يوجد في العمق بل في الأماكن القليلة العمق من البحيرة. ولا شك في أن كل الصيادين الذين قد يرون سفينته مُحمّلة بالشباك في ساعة كهذه ومتأهبة للصيد، سيضحكون عليه ويعتقدون أن به خبلاً. ولكن ألم يكن هذا هو الحال مع جميع الذين استخدمهم المسيح في أجَلِّ الخدمات؟!
ففي ساعة معينة وسط اختباراتنا، يأتي الرب على ظهر سفينة حياتنا ويعلن السيادة الكاملة على الحياة. قد نبدأ بأن نتساءل أو نناقش أو نتردد لحظة أو ساعة. لقد تعودنا أن ندبر الخطط لأنفسنا، ونتبع الخطة المرسومة، ونسلك الطريق المطروق، وأن لا نسمع لأية نصيحة في مهنتنا التي نجيدها كل الإجادة، فهل نسمح أو نتجاسر بأن نسلم الأمر للمسيح على طول الخط؟ وإلى أية جهة سوف يقود السفينة؟ وإلى أي حد سوف يخاطر بالسفينة؟ وهل نضمن بأن لا يقود السفينة إلى مكان خطر ترتطم فيه؟ ... طوبى لنا إن كنا - بعد لحظة التردد هذه - نستطيع أن نُجيب: رغم كل ذلك فإنني إطاعة لأمرك سأذهب إلى العمق وألقي الشباك للصيد. وعلى أية حال فإنه مما لا يدع مجالاً للشك أنك إن أردت أن تعتمد على رفقته لك وبركته إياك، فيجب أن تكون مستعدًا بأن تبحر حسب أمره، وتتمم وصاياه، وتصغي لصوت كلمته.