الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 1 أكتوبر 2023 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟
"يَا أَبِي! ... أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟" ( تكوين 22: 7 )
سأل إسحاق: "أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟"، وأجابه أبوه في إيمان قائلاً: "اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي". وبدون كلام بعد ذلك "ذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا"، وبدون مقاومة أو شكوى قَبِلَ إسحاق أن يُربط على المذبح "ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ". وهنا تداخل الرب ومنع إبراهيم حتى لا تصل السكين إلى ابنه، وهكذا إذ ظهرت طاعة إبراهيم الكاملة وإيمانه بالله في هذه التجربة، قال له الله: "الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي"، وإذ عمل محصورًا بخوف الله، انتصر على الخوف من الناس في عمل يدينه عليه الناس.

ونحن إذ نتأمل هذا المشهد من ناحيته الرمزية، ترتسم أمامنا عظمة محبة الله التي تجلَّت في بذل ابنه لأجلنا. لقد قال الله لإبراهيم: "خُذِ ابْنَكَ"، وهكذا نقرأ عن الله أنه "لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ" ( رو 8: 32 ). وأيضًا قيل لإبراهيم: "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ"، ويؤكد لنا الفصل الذي أمامنا ثلاث مرات أن إسحاق هو ابنه الوحيد (ع2، 12، 16)، وفي هذا تعبير عن محبة الله الذي "بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" ( يو 3: 16 ).

وأخيرًا يقول الله لإبراهيم إن هذا الابن الوحيد الذي سيُقدّمه، هو موضوع محبته "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ"، وهذا يذكّرنا بمحبة الآب لابنه في القول: "اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ" ( يو 3: 35 ). وفي هذا الأصحاح الذي أمامنا نقرأ لأول مرة في الكتاب عن المحبة، ولا عَجَب في ذلك، فالمشهد يُكلّمنا عن محبة الله الآب لابنه الوحيد الحبيب.

وإن كان هذا المشهد يُكلّمنا عن محبة الله لابنه، فإنه يكلمنا أيضًا عن طاعة الابن الكاملة لإتمام مشيئة أبيه، فلا نسمع أية شكوى من إسحاق يتضرر بها من تقديمه، ولا نرى منه أية مقاومة لما رُبط وَوُضِعَ على المذبح، بل نرى خضوعًا كاملاً، وطاعة تامة لإرادة أبيه. وفي كل هذا نرى ظلاً لامعًا لطاعة المسيح الكاملة المُطلقة لأبيه، التي قادته أن يقول أمام شبح الموت: "لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" ( لو 22: 42 ).

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net