الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 13 مايو 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الجاهل وحماقته
لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ ... جَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ يَكُونَ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ ( أمثال 26: 4 ، 5)
هاتان الآيتان يبدو فيهما تناقض ظاهري. فالحكيم في الآية الأولى يطلب منا ألاَّ نُجاوب الجاهل، وفي الآية الثانية يطلب أن نُجاوبه. بل إنه يُحدد في الآية الأولى ألاَّ نُجاوبه حسب حماقته، بينما في الآية الثانية يطلب منا أن نُجاوبه حسب حماقته.

لكن هذا التناقض يُحَلّ لو عرفنا المقصود من كلمة «حَسَبَ» في الآيتين. ففي الآية الأولى تُفهم بمعنى لا تُجاوب الأحمق بمثل حماقته، أو بنفس أسلوبه وطريقته. بينما في الآية الثانية هي تعني بما يتناسب مع كونه أحمق، أو ”وأنت تضع في اعتبارك ذلك“.

إذًا فهاتان الآيتان ليستا متناقضتين بل تكمِّل إحداهما الأخرى. فالدرس الأول الذي نتعلَّمه منهما هو ألا ننزلق إلى مستوى الأحمق في طريقة كلامه. نعم يجب ألا نُجاوب الجاهل حسب حماقته وإلا انحدرنا إلى مستواه. فإذا افترضنا أن السائل افتخر بنفسه، فلا تفعل أنت مثله، أو إذا فقد أعصابه أو حتى تطاول بألفاظ غير لائقة في حديثه معك فلا تنزلق أنت إلى أسلوب حديثه فتصبح نظيره بالتمام. وإذا استخدم الكذب فلا تفعل أنت كما فعل هو.

ولكن من الجانب الآخر يجب ألا تنسى وأنت تُجاوب على الأحمق أنه أحمق، فجاوبه بما يتناسب مع ذلك، وإلا فإنه سيكون حكيمًا في عيني نفسه.

وأعتقد أن أفضل نموذج يُصوِّر لنا الأسلوب الأمثَل للرَّد على الأحمق نجده في ربنا يسوع. فمثلاً أتى الفريسسون مرة يسألونه: «بأي سلطان تفعل هذا؟ ومَن أعطاكَ هذا السلطان؟». ولكي نتصوَّر مقدار الحماقة التي ميَّزت هؤلاء السائلين نقول: إن هذا كان في زيارة الرب الأخيرة لأورشليم بعد أن عمل بينهم أعمالاً لم يعملها أحد غيره. تُرى كيف جاوبهم الرب؟ لقد سألهم: «معمودية يوحنا: من أين كانت؟ من السماء أم من الناس؟» ففكَّرُوا في خبثهم وشرّهم قائلين: «إن قُلنا: من السماء، يقول لنا: فلماذا لم تؤمنوا به؟ وإن قلنا: من الناس، نخاف من الشعب، لأن يوحنا عند الجميع مثل نبي». فأجاب يسوع وقالوا: لا نعلم. وهذا طبعًا كذب والتواء من جانبهم. فكيف جاوب الرب على هذا الكذب؟ إنه لم يُجاوبهم بنفس أسلوب كذبهم، لكنه جاوبهم بما يتناسب مع خبثهم وشر قلبهم، إذ قال لهم: «ولا أنا أقول لكم بأي سلطان أفعل هذا» ( مت 21: 25 -27).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net