الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 3 أكتوبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الانفراد مع الله
وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ لَهُ قائلاً: انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ ( 1ملوك 17: 2 ، 3)
كان إيليا النبي مُختبئًا ومستورًا عن الأعيُن خلال سنوات حياته الأولى. وللحظة ظهر أمام أخآب وأعلَمه بقضاء الرب، وما كاد يؤدِّي هذه الشهادة العلَنية حتى دُعي ثانيةً إلى العُزلة والسكون. كان المستقبل يحمل خدمة أعظم لإيليا عندما يقف أمام كل الشعب مُتَحَدِّيًا أنبياء البعل ليحقِّق مجد يهوه. لكن لم يكن قد حان الوقت لذلك. كان إيليا قد أخذ مكانًا عاليًا وسط إخوته، والرب في حكمته رأى لزوم أن يعود ثانيةً إليه لكي يُحفَظ في مركز الاتضاع ولا يرتفع قلبه. ويجب أن تزيد فترات الاختلاء مع الرب عن فرص العمل الجهاري.

كلنا نحتاج أن نخبئ ذواتنا أكثر كثيرًا مما نفعل. فكثيرًا ما تدور أفكارنا حول ذواتنا، وأحيانًا نتخذ من خدمتنا سُلَّمًا نصعد عليه لمجد ذواتنا. ولهذا فإن صوت الرب لكل منا: «اختبئ».

وفي عُزلة إيليا تَعلَّم المزيد عن الله في انفراده معه. وهنا نتساءل: ما هو الانفراد مع الله؟ وبكل بساطة نقول: هو التفرُّغ من المشغولية بذواتنا وخدمتنا ونجاحنا. وأن نضع العالم جانبًا فلا ننخدع ببريقه، وتكون أفكارنا وأرواحنا محصورة في الله نفسه، في صفاته وأعماله، في أفكاره ومقاصده. وأن نستعرض جوده وصلاحه ونعمته، ونلهج بكل صنائعه. فنسمو فوق المنظور، ونُحلِّق في جو السماويات، ونمتلئ من محبة الآب ونعمة الابن وأمجاده.

قال الرب لإيليا: «انطلق من هنا»؛ من مكان الشهرة والنجاح حيث المعجزة العظيمة والصلاة المقتدرة التي أغلَقت السماء، حيث يمكن أن تشعر بقيمتك.

«واتجه نحو المشرق»؛ كان الله عتيدًا أن يستخدم إيليا على جبل الكرمل في الغرب، ولهذا فإن تدريبه تم في الشرق، أي في ظروف معاكسة للفكر الطبيعي والرغبات الطبيعية. ودائما أفكار الله ليست كأفكارنا ولا طرقه كطرقنا.

«واختبئ عند نهر كريث»؛ هناك سيعيش وحيدًا، ويشعر أنه متروك بلا عمل، وكأن هذه الفترة بلا ثمر. وهذا اختبار مُذِلّ، ومن خلاله سيتعلَّم أنه لا شيء.

وما أبعد الفرق بين مدرسة العالم ومدرسة الله. فمدرسة العالم تُعلِّم الثقة في الذات وحب الظهور والشعور بالقيمة. بينما مدرسة الله تُعلِّمنا أننا لا شيء ليكون فضل القوة لله لا منا. إن عُزلة النبي كانت لفائدة أكبر من مُجرَّد حمايته من بطش المَلِك.

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net