الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 15 يناير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أجمل “لا” في كلمة الله
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَالُوا: لاَ ( لوقا 22: 35 )
مواقف كثيرة نجد فيها الرب يسأل، ويأتي الرَّد بالإيجاب: «نعم، يا سيد»، وتخرج من الشفاه بكل إجلال. لكن في الليلة الأخيرة قبل أحداث الصليب، سأل الرب تلاميذه: «حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية، هل أعوَزكم شيءٌ؟ فقالوا: لا». ومع أنها إجابة من حرفين فقط لكنها غنية بمشاعر التقدير والامتنان. لا توجد إجابة بهذه السرعة المدهشة، وهذا الإيجاز الوافي. مع أن الإجابة بــ“لا” - في أغلب الأحيان - تكون ثقيلة على الأُذن، لكنها في هذا المشهد بعد أن نتذوَّق عذوبتها، نجدها أحلى “لا” في كلمة الله. إنها تُذكِّرنا بمزمور الراعي الذي يُستهَل بالقول: «الربُّ راعيَّ، فلا يعوزني شيءٌ» ( مز 23: 1 ).

كان الرب في مرحلة سابقة قد أرسل تلاميذه بلا كيس ولا مزود ولا أحذية؛ وهي الحد الأدنى من التجهيزات، ولكنه تكفَّل بسداد كل احتياجاتهم أثناء وجوده بالجسد على الأرض. وكان الرب على وشك مفارقة تلاميذه، وكانت تنتظرهم مرحلة جديدة في نطاق خدمته، سيتعرَّضون خلالها للفقر والجوع والخطر. وأراد الرب أن يُهيئهم لهذا الوقت الذي سيختبرون فيه الرفض والاضطهاد من العالم، وأن يؤكد لهم أنه كما كان قبلاً كافيًا لهم في تسديد الإعواز، سيكون مُعينًا وقريبًا جدًا منهم في وقت الضيق. ولمَّا سألهم هذا السؤال أنعش ذاكرتهم في الحال، فتذكَّروا الأوقات التي أعطاهم فيها نعمة في عيون الناس، فقبلوهم ورحَّبوا بهم في بيوتهم، وقدَّموا لهم طعامًا، واهتموا بهم وأكرموهم من أجل اسمه. تذكَّروا أيضًا مواقف أخرى سدَّد فيها احتياجاتهم بطرق لم يألفوها من قبل. لكن مشغوليتهم لم تكن بنوال الخير في ذاته، بل في كونه يجري من يديه الكريمتين. قال الرب مرة لإيليا: «قد أمرت الغربان أن تعولك ... وكانت الغربان تأتي إليهِ بخبز ولحم صباحًا، وبخبز ولحم مساءً» ( 1مل 17: 2 -6). وكان بعد مدة من الزمان أن النهر يَبِسَ، لكن ينبوع الموارد الإلهية لم ولن يجف، فأرسله الرب إلى امرأة أرملة لتعوله! ( 1مل 17: 8 ، 9).

الرب لديه طرق عديدة وعجيبة بها يعول الذين يُرسلهم. مُرسَلون كثيرون خرجوا من ديارهم وبلادهم من أجل الرب، ورغم أنهم تألموا من أجل اسمه، وحَسبوا ذلك امتيازًا لهم، لكنهم اختبروا كفاية الرب في سداد جميع إعوازهم. ليتنا نحرص أن نطيع الرب لنُتمم مشيئته في حياتنا، فهو راعينا الغني في موارده، والسخي في جوده، والأمين في مواعيده، لذا يقينًا لن يُعوزنا شيء.

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net