الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 20 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الصليب ومجد الله
الآنَ تَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ وَتَمَجَّدَ اللهُ فِيهِ ( يوحنا 13: 31 )
لماذا اعتبر المسيح أن في الصليب مجدًا لله؟ ذلك لأن الله تلقى بموت المسيح مجدًا أعظم بكثير مما خسره بسبب خطايا الجنس البشري، من أول خطية في الجنة، مرورًا بكل الحماقات والشرور والعداء التي أظهرها البشر نحو اسمه القدوس، وحتى نهاية الزمن. إن المسيح بموتهِ على الصليب قد عوَّض الله عن الخطايا التي ارتُكبت، وتحمَّل أُجرتها، عندما ذاق الموت بنعمة الله ولمجد الله، فضَمِنَ الصليب حق الله وعدله وقداسته. بل إن الصليب أظهر تلك الصفات، وأظهر أيضًا عظمة الله وأمانته وصدقه بالإضافة إلى محبته.

طبعًا كان يمكن لله أن يطرح جميع البشر الخطاة في جهنم أجرةً لخطاياهم (وهو ما سيفعله فعلاً مع الذين لا يؤمنون بعمل ابنه لأجلهم)؛ لكن هل طرْح الخاطئ في جهنم يُعوِّض الله عن حقوقه المسلوبة ومجده الذي أُهين؟ كلا، لأن إضافة المحدود إلى المحدود لا ينتج عنها سوى المحدود، وبقاء الإنسان في جهنم ملايين الملايين من السنين لا يمكن أن يَفي الله حقوقه.

لأجل هذا جاء المسيح إلى العالم. ونظرًا لأنه الله الظاهر في الجسد، فقد جمع بين لا محدودية اللاهوت، مع الناسوت. وهو عندما مات فقد مات باعتباره الإنسان، مع بقائه الله الذي ليس لقيمة شخصه حدود. كما أنه احتمل في موتهِ ما لم يكن ممكنًا لأي إنسان أن يحتمله، واستطاع بموتهِ أن يُمجِّد الله أكثر كثيرًا من الإهانة التي وقعت على اعتبارات مجده، بسبب خطايانا.

هذا هو الهدف الأساسي من الكفارة: تمجيد الله. ومع أن المسيح أظهر مجد الله في كل حياته: أظهرها في المعجزات والآيات التي عملها ( يو 2:  11؛ 11: 4، 40)، لكنه عندما رُفِعَ على الصليب، فقد أظهر مجد الله بصورة أروع من كل ما سبق، فلقد استُعلِنت صفات الله: قداسته ومحبته ونعمته، في رفع خطية العالم، وأيضًا في البذل والعطاء.

والمسيح الذي في كل حياته على الأرض مجَّد الآب ( يو 17:  4)، مضى إلى الصليب ليموت عليه لكي يُمجِّد الله ( يو 13:  31). في حياته عمل الخير للإنسان، وعلى الصليب مات نيابةً عن الإنسان! وهو إن كان قد مجَّد الآب في حياته بعمله الصلاح الذي لم يعمله الإنسان، فإنه في موته مجَّد الله بتحمُّله عقوبة الشر الذي لم يعمله هو، وفي الحالتين كان يفعل مشيئة الذي أرسله.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net