الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 30 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أفراح وأحزان، أو رجلان غنيان
رَئِيسٌ ... حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا زَكَّا ... وَكَانَ غَنِيًّا ... قَبِلَهُ فَرِحًا ( لوقا 18: 23 ؛ 19: 1- 6)
في أصحاحين متتاليين في إنجيل لوقا (لو18؛ 19)، نقرأ عن رَجُلين غنيَّين: رئيسٌ شابٌ غنيٌّ، ورئيسٌ للعشارين غنيٌّ. وقفَ المال عثرة قاسية في طريق الرئيس الغني. لقد جاء فَرِحًا إلى المسيح، ومضى حزينًا «لأنهُ كان غنيًا جدًا». لقد فصلَت محبة المال بينه وبين المسيح، فظل بعيدًا عن دائرة ملكوت الله. لكننا في لوقا 19 نرى الصورة العكسية لرئيس عشارين غنيّ، يبدو أن كل ماله وثروته لم تُحقِق له البهجة والفرح، حتى التقى بالمسيح «وقَبِلَهُ فَرِحًا».

كان الرئيس الغنيّ لا يُدرِك عمق تعلُّقه بالمال، فوضع المسيح أمامه امتحانًا كشف الضعف القاتل فيه: «بِعْ كل ما لكَ ووزِّع على الفقراء، فيكونَ لكَ كنزٌ في السماء، وتعالَ اتبعني». ولم يكن عيبه على الأرجح في طريقة تحصيل المال، إذ لا يبدو من القصة أنه لجأ إلى أساليب فاسدة أو شريرة في تحصيله، لكن عيبه القاتل كان في مكانة المال من قلبه. كان عليه أن يُدرك - بالامتحان الذي وضعه المسيح أمامه – أن الله ليس له المكان الأول في قلبه، بل يأتي تاليًا وعلى مسافة بعيدة من المكان الأول الذي يحتلَّهُ المال!

أما زكا؛ رئيس العشارين الغني، الذي من أريحا، فهو يُبرهن هذا الحق العظيم الذي نطقَ به الرب «غير المستطاع عند الناس مُستطاعٌ عند الله». لم يكن عدم راحة ضمير زكا هو المُحرِّك له، ولكنه كان مُجتذَبًا من الآب إلى الرب يسوع، ولذلك «طلبَ أن يرى يسوع مَن هوَ». لم يكن ينظر إلى نفسه بصِفَته عشارًا غنيًا، بعكس الرئيس الغني الذي لم ينسَ قط أنه غنيٌّ. وزكا في نسيانه لنفسه، اخترق الجموع، وتسلَّق أحد الأشجار، مُستهينًا في ذلك بكل ما تُمليه عليه الكرامة والوقار. كان يُريد فقط أن يرى يسوع. وأعلن له المسيح بشارة الخلاص المُفرِحة، رغمًا عن كونه عشارًا، وغنيًا، ومن أريحا.

وظهرت نعمة الله العظيمة، أول ما ظهرت، في ذلك التحوُّل العجيب في مشاعر زكا تُجاه المال. لقد كان المال معبوده الذي من أجله طُوِّحَ به بعيدًا، لكنه بعدما تقابل مع الرب يسوع، إذ به يذهب إلى النقيض، دون أن يطلب منه الرب شيئًا. لقد ترك نصف أمواله للمساكين، ومن النصف الآخر سدَّد ما كان قد أخذه، بل وعوَّض أربعة أضعاف. فماذا بقيَ له، وهو يُطوِّح بالمال بهذا الأسلوب؟! كان له المسيح الكافي لشبع وفرح القلب.

فهوَ النصيبُ الصالحُ ومِن يَدي لا يُنزَعُ
لنفسي قد اختَرتُهُ وبهِ قلبي يَشبَعُ

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net