الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 29 ديسمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يوحنا المعمدان وفرحه
فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: ... الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ ( يوحنا 3: 26 )
كان هذا اختبارًا لقلب المعمدان وقد آن الأوان لامتحانه عمليًا؛ هل يقدر أن يحتمل فقدان كل تلاميذه؟ وهل هو مستعد لحرمانه منهم؟ وهل حقيقةً مستعد أن ينفذ تصريحاته وأقواله بالحرف الواحد؟ وهل هو فعلاً مجرَّد صوت، بل ولا شيء أيضًا؟ هذه كانت أسئلة لازمة ومُلائمة أيضًا لأننا جميعنا نعرف أن التكلُّم بصفة التواضع شيء، والسير فعلاً في طريق التواضع شيء آخر. والتكلُّم بخصوص إخلاء الذات شيء، وكون الإنسان يُخلي نفسه فعلاً هذا شيء آخر.

فلنسأل أنفسنا: هل وصل المعمدان فعلاً إلى آخر حد لتصريحاته أم قصَّر عن إحراز الدرجة القصوى التي كانت ترمي إليها اعترافاته؟ وهل زعَم في أية لحظة أنه عمل شيئًا ما من جميع الأشياء التي عملها؟ أَصغِ إلى جوابه وتأمل فيما يقول: «أجابَ يوحنا وقال: لا يقدر إنسانٌ أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أُعطيَ من السماءِ» (ع27)، وأنه لا يقدر أن يفعل شيئًا. مثل هذا لا يُنتَظَر منه أن يكون فخورًا أو مُدَّعيًا أو مشغولاً بذاته، بل وليس له أدنى حق في ذلك. ولا ننسى أن حصر أفكارنا دائمًا في كلمة “لا شيء” يجعلنا متواضعين. وحصر أفكارنا في إحسانات الله وأعماله فينا وبنا، تجعلنا دائمًا مسرورين.

«كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار» ( يع 1: 17 )، وتَذكُّرنا ذلك يجعلنا دائمًا ناظرين إلى فوق. فكل ما هو صالح فينا أو حولنا إنما هو من السماء؛ آتٍ من الله الذي هو المصدر الحي والينبوع الدائم الجريان لكل بركة ونعمة وصلاح. ووجودنا بقُربه، وجعله أمام قلوبنا وأنظارنا دائمًا، وخدمتنا في حضرته المقدسة هو سر السلام الحقيقي والحاجز المنيع ضد الغيرة والحسد.

هنا السر العميق لسعادة يوحنا وسلامه، ففرحه لم يكن في أعماله ولا في جمع عدد من التلاميذ حوله، ولا في نجاحه وقبول خدمته، ولا في نفوذه الشخصي، ولا في أي شيء من هذه الأشياء، ولا في جميعها، ولكن فرحه المقدس الحقيقي هو أن يقف ويسمع صوت العريس، ويرى الجميع يأتون إلى حَمَل الله ويُحيطون به، وأن يرى حتى نفس تلاميذه يتركونه ويأتون إلى الرب يسوع، وأن يرى “حَمَل الله” يزيد وأما هو فينقص ( يو 3: 25 -30)، هذا هو تقدير يوحنا لنفسه وللرب سَيِّده.

ينبغي (أنَّكْ تَزيدْ) فأمُرَنْ (ماذا تُريدْ)
يا حَبيبْ حُبَّكْ عَجيبْ يا حَبيبْ حُبَّكْ عَجيبْ

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net