الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 27 فبراير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مهما سألتم
وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذَلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالاِبْنِ ( يوحنا 14: 13 )
«مهما سألتم»؛ كلمة جميلة، قالها الرب يسوع لتلاميذه، في كلماته الوداعية، التي تُظهر أن علاقته بخاصته الذين في العالم، لا تنقطع بموته وصعوده إلى المجد، بل إن هناك صِلة جديدة ومتينة بينه وبينهم؛ وهي الصلاة. وكلمة «مهما» كلمة مُطلَقة؛ أي لا حدود لها. فمهما كانت الطِلبة فهو يستجيب لها. وهذا ما أكده لاحقًا بقوله: «إن سألتم شيئًا باسمي فإني أفعلُهُ» ( يو 14: 14 ). وكأنه يوقِّع لنا “شيكًا على بياض” لنسحب به، ما نحتاج إليه من “بنك السماء” الذي لا يفرغ.

وبمقارنة وعد الرب مع وعود الإنسان، فإننا نجد وعودًا من ملوك مقتدرين، ولكن لم تكن مُطلَقة كوعد الرب هنا. فنجد أن الملك أحشويروش يَعِد أستير، ويقول لها: «ما هي طِلبَتُكِ؟ إلى نصف المملكة تُعطى لكِ» ( أس 5: 3 ). ولقد كرَّر وعده هذا، لكنه لم يزِد عن هذا الحد لعطاياه. وأيضًا هيرودس، عندما رقصت ابنة هيروديا أمامه فسرَّته، أقسم لها قائلاً: «مهما طلبتِ مني لأعطينكِ، حتى نصف مملكتي» ( مر 6: 23 ). ولم يستطع أن يزيد عن هذا الحد.

هذا، ونجد أن هناك من رجال الله الأفاضل، من قد وعد أيضًا، بدوافع صادقة نبعها المحبة، ولكن هل استطاعوا أن يوفوا بوعودهم؟ فمثلاً: يوسف قال لإخوته: «أنا أعولكم وأولادكم». ولكن، بعد قليل، إذ أدرك أنه إنسان، قال لهم: «أنا أموت، ولكن الله سيفتقدكم»، «ثم مات يوسف»، وتركهم! ( تك 50: 21 ، 24، 26).

وأيضًا، نجد أن الملك داود يَعِد مفيبوشث قائلاً: «أرُدُّ لكَ كل حقول شاول أبيكَ، وأنت تأكل خبزًا على مائدتي دائمًا». لكن بعد فترة غَيَّر الملك داود كلامه، إذ قال لصيبا عبد مفيبوشث عن الحقول: «هوذا لكَ كل ما لمفيبوشث». ثم تراجع مرةً أخرى وقال لمفيبوشث: «قد قلت إنكَ أنتَ وصِيبا تَقسِمان الحقل» ( 2صم 9: 7 ؛ 16: 4؛ 19: 29). وماذا عن وعده لمفيبوشث بأن يأكل خبزًا على مائدته دائمًا؟ إننا نجد أنه حتى داود نفسه، لم يستطع أن يواصل الجلوس على تلك المائدة! وذلك بسبب انقلاب ابنه أبشالوم عليه. وفي هذا نجد محدودية الإنسان وعجزه.

هذا هو الرب، وهذا هو الإنسان. ليتنا لا نُعوِّل على الناس كثيرًا «كُفوا عن الإنسان الذي في أنفهِ نسَمَة، لأنه ماذا يُحسَب؟» ( إش 2: 22 ).

فلنثق في وعدِ الآبْ بإيمانٍ راسخينْ
هكذا قالَ الكتابْ مَن وَعَدْ هو أمينْ

نشأت راغب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net