الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 8 إبريل 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صوتُ حبيبي
صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ ( نشيد 2: 8 )
من المؤكد أننا قد اختبرنا قوة صوت محبوب لدينا معروف عندنا، ولقد شاهدنا حتى عندما يكون الإنسان غارقًا في النوم العميق، كيف يمس صوت الحبيب القلب ويوقظ الحواس التي استولى عليها النوم، إذ توقِع نغمات الصوت المختلفة على الوِجدان والمشاعر كما يوقِع الموسيقِي الماهر على آلة طوع بنانه فلا تلبث حتى تصدَح وفقًا لِما يريد وطبقًا لِما يرغب. ولقد يشتد الازدحام حولنا، ويختلط الحابل بالنابل، وتمتزج نغمات الأصوات الكثيرة المختلفة بعضها ببعض، ولكن تظل هناك نغمة واحدة لا يسمعها الجميع، توقفنا أثناء سيرنا، وعندئذٍ نتحوَّل لنبحث عن الحبيب الذي نهواه ونلتهب شوقًا إليه.

وهذا هو الحال عندما يتكلَّم المسيح، فرغمًا عن ضوضاء العالم الذي يصُّم الآذان، نسمع «خرافي تسمع صوتي» ( يو 10: 27 )، لذلك كانت حاجتنا لا إلى أعيُن فقط بها نستطيع أن نرى، بل إلى آذان كي نسمع بها، وإلا فتفوتنا السعادة التي نجنيها من المحبة التي ترافقنا دائمًا وتتبعنا أثناء سحابة اليوم ونحن سائرون إلى حضرته، وهذا هو الفرح الوحيد الذي تملَّكَ قلب ابن الله بينما كان سائرًا وسط الناس. فلقد تقاول عليه الفريسيون بأفواه ملؤها السخرية، جرَّبه الصدوقيون، سخرَ به اليهود، وتذمَّر تلاميذه وقامت بينهم مشاجرة أثناء وجوده معهم، ولكن بالرغم من كل هذه الأصوات أصاخت أُذناه المتيقظتان المنتبهتان إلى الآب الذي عزاه وملأ قلبه بهجةً وسرورًا. في يوحنا 12: 22 نقرأ «جاءَ صوتٌ من السماء: مجَّدتُ، وأُمجِّد أيضًا!»، ومع أن الجمع الذي سمع ذلك قال بأنه قد حدث رعد، ولكن الأُذن اليَقِظة عَلَمت أنهُ صوت ذاك الذي يَرى في حضنه راحته الدائمة وشركته المستمرة.

أَوَ ليست له حتى الآن الأُذن المتيقظة؟ لمَّا كان بعيدًا عن المجد أعار أُذنًا صاغية لصوت ذاك الذي أرسله، والآن وهو مع الآب في بيته، إذ قد دخل إلى السماء عينها ليظهَر في حضرة الله لأجلنا، نراه يُصغي لأصواتنا – لصوتك ولصوتي أيها الأخ الحبيب – ولا شك أنه توجد أصوات عديدة تُلقي الكلام على عواهنه، وتتكلَّم بالجهل والإثم والتجديف، بل قد تنطق بنغمات شجية وألحان عذبة تسبي الأُذن وتفتنها، ولكن لا شيء من ذلك يسترعي أُذُن ذاك المُقام من الأموات، ومع أن حول العرش ترِّن دائمًا أبدًا نغمة الحمد للجالس عليه «قدوسٌ، قدوسٌ، قدوسٌ رب الجنود» ( إش 6: 3 )، ولكن هناك شيء أقرب وأعز إلى قلبه، ألا وهو صراخ خاصته الموجودة في العالم؟

أندرو مولر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net