الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 3 مايو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ميازيب الله
غَمْرٌ يُنَادِي غَمْرًا عِنْدَ صَوْتِ مَيَازِيبِكَ. كُلُّ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ طَمَتْ عَلَيَّ ( مزمور 42: 7 )
تجد النفس الحائرة سَندًا قويًا وفرحًا إذ تتعلَّم أن يد الله تُهيمن على المَيَازِيبِ الغامرة، وأن الأمواج المتلاطمة واللُّجج الهائجة هي آلات خفية ووسائل مستورة لعنايتهِ ورحمتهِ. ولو عجَّت مياه البحر فالله يتسلَّط على كبرياء لُجَجه، وبالرغم من عجيج مياهه، فإن الإيمان يستمع لصوت محبة الله الهادئ قائلاً: «لا تخف لأني معك».

ومن مزمور 42 نتعلَّم أن سر انتصار المُرنم على المَيَازِيب كان في اكتشافه أن الله كان فيها؛ فنفسه كانت تحِّن – كالغزال العطشان – إلى جداول مياه محضر الله، الإله الحي ينبوع حياته (ع1، 2). وإذ طُرِدَ من صهيون المحبوبة فقد ذلَّل نفسه بالصوم نهارًا وليلاً إذ صارت دموعه خبزه الوحيد. وقد عيَّره الناس كشخص متروك من إلهه (ع3)، وكانت في قلبه حسرة تَذكُّر الأيام السالفة عندما كان يتدرَّج مع جمهور الساجدين الذاهبين إلى بيت الله، لحفظ أعياد يهوه، بصوت الفرح والترنُّم (ع4).

وإذ يتسلَّل إليه ذلك الحزن العديم الجدوى، وذلك القنوط؛ يزجر نفسه لنسيانه الله قائلاً: «لماذا أنتِ منحنية يا نفسي؟ ولماذا تئنِّينَ فيَّ؟»؛ لا تعودي تنسي محضر إلهك مرةً أخرى «ارتَجي الله، لأني بعدُ أحمَدُهُ، لأجل خلاص وجههِ» (ع5). ثم يرفع بصره إلى الله في وقت دموعه وصراخه «يا إلهي، نفسي مُنحنية فيَّ، لذلك أذكرك من أرض الأردن وجبال حرمون، من جبل مِصعَر» (ع6). فقد كان شاخصًا بشوقٍ إلى ما وراء المسافات الصحراوية القاحلة؛ إلى الجبال المُتاخمة لصهيون حيث سكن الله في مجدهِ وجماله وقداسته، ونسيَ أن الله كان معه حيث هو في «جبل مِصعَر»؛ أي “الجبل الصغير” الذي يُشير إلى قلة العدد والضعف الشديد (ع6). من ثم وجد ذلك المَنفي الوحيد عونًا وعزاءً وسط أصوات الميازيب وعجيج الأمواج الشديدة. ومهما عَلَت أصواتها المزعجة فقد عَلِمَ أن الله فيها، وأن الخلاص منه، فهناك رأى وجه إلهه، كما رآه في قدسه.

ما أكثر المرات التي فيها أصغى وهو في ساحة الهيكل إلى بَرَكة رئيس الكهنة؛ «يباركك الربُّ ويحرُسك. يُضيءُ الرب بوجهه عليكَ ويرحَمُكَ. يرفَعُ الرب وجهه عليكَ ويمنحُكَ سلامًا!» ( عد 6: 24 -26). وهنا على ذلك التل الصغير في سلسلة حرمون الجبلية قد أضاء الرب بوجهه على ذلك المَنفي المُبعَد من الناس الأشرار عن مقدس محضره في صهيون، وحتى في “مِصْعَر” استطاع أن يحمد الله لأجل «خلاصِ وجههِ».

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net