الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 30 مايو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
العصيان المباشر والعناد الخبيث
هُوَذَا الاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالْإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ ( 1صموئيل 15: 22 )
الإكرام الحقيقي من الابن لأبيه ومن العبد لسيده يتجلَّى في الطاعة الكاملة له، وهكذا عاش سيدنا له كل المجد سنوات حياته في جسد اتضاعه لأجل هذا الغرض، فقال: «أنا ... أُكرِم أبي» ( يو 8: 49 )، وصلى «أنا مجَّدتك على الأرض» ( يو 17: 4 ). وواحد من أهم الأدلة على إكرامنا لله، بل ربما يكون الدليل الرئيسي، هو أن يكون فينا فكر مَن وضع نفسه، وأطاع حتى الموت، موت الصليب.

رائع أن نُقدِّم لله بالمسيح ذبيحة التسبيح، ومهم أن لا ننسى فعل الخير والتوزيع، لأنه بذبائح مثل هذه يُسرّ الله، لكن يظل الأروع والأهم من كل الذبائح والتقدِمات هو طاعتنا الحقيقية لله «فقال صموئيل: هل مسرَّة الرب بالمُحرَقات والذبائح كما باستماع صوت الرب؟ هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكِباش» ( 1صم 15: 22 ).

ولا يوجد ما يجرح قلب الرب قدر أن نُعانده؛ فالعناد كالوثَن. وكم هو مُحزن عند مطالعتنا لنبوة يونان أن نجد الخليقة بأسرها طوع أمر السَيِّد، إلا الإنسان الذي كرَّمه الله بأن يخدمه، وشرَّفه بأن يُمثله! فالريح في خزائنه تخرج بأوامره، والبحر في هيجانه وهدوئه خاضع لسلطانه، ومن أضخم الحيوانات كالحوت، إلى أحقرها كالدودة؛ الكل ينفذ تعليماته، اليقطينة تحيا بإذنه، والشمس تحمى بأمره، وأين أنت يا يونان؟! بل أين أنا وأنت من طاعتنا لله وتقديرنا لوصاياه؟!

والعصيان المباشر لإرادة الله بالرغم من كونه خطيرًا، إلا أنه ملحوظ ومُدَان، مما يُمكِّن المؤمن بنعمة من الله أن يُعدَّل مسَاره من ترشيش إلى نينوى، وبالتالي يظل الأخطر هو أن تنحرف أفعال الطاعة عن غرضها الأصلي. وهنا يَكمُن خبث العناد في كونه غير ملحوظ، ويكون من غير المُستبعَد أن يتحوَّل اللهج في كلام الله وحفظ وصاياه - وهذه هي البداية الرئيسية لطاعتنا له وخضوعنا لجلاله - إلى مجرَّد تحصيل للمعلومات الكتابية وانتفاخ بمعرفة عقائدية. أيضًا قد تصير الترنيمة أُغنية تطرب السامعين وتدغدغ مشاعرهم، بدَل أن تكون نشيد يلَّذ للرب، وذبيحة تُرضيه. وماذا نقول عندما يصبح كسر الخبز مجرَّد عادة لإرضاء الضمير الديني، عوض كونه عمل طاعة في المقام الأول؟ وقد لا تخلو الخدمة من حسد وخصام وتحزُّب وعدم اخلاص! فليمتحن كل واحد عمله مُتسائلًا: هل طاعتي للسيد طاعة حقيقية؟

أسامة عاطف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net