الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 1 يونيو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سر الحزن الدفين
يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! ( لوقا 12: 19 )
في واحد من أحاديثه ضرب الرب يسوع مثلاً لسامعيه؛ مَثَل “الغني الغبي”، مُوضِّحًا لهم أكثر الطُرق الخاطئة شيوعًا في البحث عن الفرح. وفي هذا المَثَل نجد دروسًا ما أروعها، تكشف لنا تعاسة الإنسان البعيد عن الله، وافتقاده للفرح الحقيقي.

بدأ المسيح هذا المَثَل بأن صاحب هذه القصة هو «إنسانٌ غنيٌ»، يمتلك كل سبُل الراحة والرفاهية ومُسببات الفرح، بحسب النظرة البشرية. ثم يقول: إن هذا الغني «أخصَبَت كورتَهُ»؛ إذًا هو أيضًا اختبر النجاح في العمل بشكلٍ خاص. تُرى ما الذي نتوقَّعه من شخص غني أخصَبت كورته، وفاضت أراضيه بخيراتٍ جزيلة؟ كنا نتوقع أن يفعل كما قال الكتاب: «تفرح بجميع الخير الذي أعطاهُ الرب إلهُكَ لكَ ولبيتِكَ» ( تث 26: 11 )، وأن يرفع عينيه نحو السماء مُقدِّمًا الشكر والسجود للإله العظيم الذي أعطاه هذا الخير، أو على الأقل يفكِّر في الإله المُتسلِّط على كل شيء، كما صلي داود يومًا: «الغنى والكرامة من لَدُنك .... وبيدك تعظيم وتشديد الجميع» ( 1أخ 29: 12 ).

لكن، للأسف الشديد، فإن أول ما فكَّر فيه ذلك الغني هو نفسه، وبدلاً من أن يرفع عينيه للسماء، انحنى أكثر منشغلاً بذاته وبأرضه وما يملكه. هذا ما نستنتجه من خلال الكلمات التي نطق بها بعد ذلك، متحدِّثًا إلى نفسه بياء الملكية «لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري؟ .. أعمل هذا: أهدِم مخازني وأبني أعظم، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي، وأقول لنفسي: يا نفسُ لكِ خيراتٌ كثيرةٌ، موضوعة لسنينٍ كثيرة. استريحي وكُلي واشربي وافرحي!». هو لا يرى أحدًا إلا نفسه، ولا يَنسِب النجاح إلا لذاته، ولا يتكِّل إلا على إمكانياته. هو مَن يجمع، وهو مَن بيدهِ الفرح والراحة والغذاء والشراب. أين إلهك من كل هذا؟ للأسف غير موجود بحساباته على الإطلاق.

وهذا هو حال الكثيرين في هذه الأيام، أغنياء كانوا أم فقراء. الكل يبحث عن ذاته، وعن إشباع نفسه. الكل مشغول بما يمتلكه وما ينقصه وما يحتاجه. ووصل الحال بالبعض أنهم ينادون بعدم وجود الله، والبعض الآخر ينادون بأنه موجود لكنه لا يتدخل في شئوننا، ولا يعرف عنا شيئًا. إنما الإنسان هو المسؤول عن كل شيء في حياته، هو ذات الأسلوب والتفكير الذي جعل ذلك الغني يستغني عن الله، ولا يفكِّر فيه. وهذا الأمر هو أحد الأسباب الرئيسية لحالة الحزن والأسى البادية على الوجوه، وتغمر القلوب في هذه الأيام.

باسم شكري
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net