الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 18 أغسطس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
فيلبس والخصي الحبشي
أَ لَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟ فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟ ( أعمال 8: 30 ، 31)
إن التدخل الإلهي وسفَر فيلبس وعمله، كل هذه استُخدمت لأجل خلاص نفس واحدة رأتها عين الله ناضجة لقبول الإنجيل. إن الراعي يعتني بالفرد، وخروف واحد يمكن ردُّه هو ثمين في نظره لدرجة تُحرِّك قلبه المُحبّ ويده القديرة للعمل. لم يفعل الله ذلك لأن الخصي كان عظيمًا في مملكة الحبشة، بل لأنه كان يتوق إلى النور وكان مستعدًا لاتّباعه متى أضاء. لأجل هذا، ولأجله فقط قابل فيلبس الخصي في هذه الطريق المنعزلة.

ولنلاحظ أن جواب الخصي على فيلبس يُظهِر عدم استيائه من تدخل فيلبس الفجائي. كما وأن دعوة الخصي فيلبس لأن يجلس بجانبه في المركبة (ع31) أظهرت أن الرغبة في المعرفة قد أزالت الفارق بينهما في المقام، لا بل وربطت بسرعة بين قلبيهما مع أنهما لم يكونا يعرفان بعضهما من قبل ولا سمعا عن بعضهما. إن القلب الصالح يتعلَّق تعلُّقًا شديدًا بكل مَن يقوده إلى معرفة الله بصورة أوضح، ولا يبالي بالفوارق الأرضية مهما عَظُمت.

لا نعلم المدة التي قضاها فيلبس مع الخصي قبل أن يقبلا «على ماء» (ع36)، ولكنها بالطبع لم تتعدَ ساعات قليلة. عندما تتهيأ التربة وينزل عليها المطر وضوء الشمس، تنبت البذار بسرعة. إن مَن ينكرون التغير الفجائي يتجاهلون الحقائق لأنهم يلبسون براقع التعاليم الإنسانية. فهنا الخصي في بُرهة وجيزة أصبح إنسانًا جديدًا.

ولنلاحظ أخيرًا أن الخصي الذي قال: «كيف يُمكنني إن لم يُرشدني أحدٌ؟» عندما اختطف روح الرب فيلبس منه، نراه قد ذهب في طريقه فَرِحًا مع أن إيمانه الحديث كان يتعطش جدًا إلى معونة مُعلِّم وإلى الازدياد من النور الإلهي. وما الذي جعله يشعر الآن بعدم الاحتياج إلى مرشد مع أنه شعر قبلاً بأنه في شديد الحاجة إليه؟ ذلك لتمتعه بوجود مَن هو أفضل؛ وجود الروح المُعزي الذي أرسله الرب يسوع ليُرشد عبيده إلى كل الحق. لو تأمل الذين يقولون بأن الوحي الإلهي، بدون مُفسِّر متضلع في الكلمة، غير كاف لأن يرشد المؤمن إلى الحق، لو تأمل هؤلاء في نهاية هذه القصة لأدركوا خطأهم، لأن كلمة الله التي بين يدي المؤمن وروح الله الساكن فيه يُعطيانه النور الكافي للسير، لا بل وبواسطتهما يستطيع في غياب المُعلِّمين أن يستمر شاعرًا بالامتلاء بالحكمة الحقيقية، وفي انفراده المطلق يمكنه أن يمضي في طريقهِ فَرِحًا.

ج. ر. ميلر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net