الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 19 أغسطس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المِغسَل والمِنشَفة
خَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ ( يوحنا 13: 4 ، 5)
إن الرب يسوع كفيل بسد كل إعوازنا في جميع أدوار حياتنا الروحية، فقد سدَّد إعوازنا أولاً عندما انحنى تحت حمل ذنوبنا الثقيلة، وبدمه الكريم أزاح عنا ذلك الحِمل، وطوَّح به في بحار النسيان. وهو يَسُّد إعوازنا يومًا فيومًا أثناء عبورنا وسط هذا المشهد الدنس، وبمِغسله ومنشفته يُزيل ما يعلق بنا من الأقذار، حتى نظهر دائمًا أمام الله “طَاهِرِين كُلُّنا”، وندخل إلى الأقداس بأقدام طاهرة قد غسلها يسوع ذاك الذي طهَّر قلوبنا بالدم، ويُطهِّر طرقنا بالكلمة. فكل الدنَس الذي رآه الله على ضميري قد طهَّره بالدم، وكل ما يراه في طرقي يُطهِّره بالكلمة حتى أكون “طَاهِرًا كُلي” طهارة تُريح قلبي تمام الراحة لأنها مؤسسة على عمل المسيح الكامل.

على أن عمل المِغْسَل والمنشفة هو عمل مُستديم لا ينقطع لحظة؛ ففي أثناء مرورنا من غرفة الاستحمام (حيث تم غسلنا مرة واحدة وإلى الأبد)، إلى غرفة الاكتساء (أي إلى المكان الذي نلبس فيه حُلل الخلود)، لا بد أن تعلَق بعض الأوساخ بأقدامنا، فإذا لم نتحقق أن هذه الأوساخ تُزال أولاً بأول بعمل إلهي، ماذا كنا نفعل؟ كنا إما أن نصير في حالة الرعب والارتجاف خشية الهلاك، أو أن لا ندرك قيمة قداسة مركزنا وطريقنا حق الإدراك. ولكن عندما نُلقي بنظر الإيمان على الرب يسوع المُتمنطق، ونلمَح ذلك المِغْسَل بيدهِ، عندما نفهم في نور الإعلان الإلهي ما يرمز إليه يوحنا 13: 1-10 عندئذٍ تمتلئ قلوبنا سلامًا مع تقديرنا لقداسة المركز الذي أوجدنا فيه دم المسيح، وذلك بناء على معرفتنا أن الشخص الذي سُمِّرَ على الصليب ليأتي بنا إلى ذلك المركز هو متمنطق دائمًا ليحفظنا.

ولسنا في حاجة إلى إثبات انطباق ذلك العمل علينا، لأنه كما هو مُحقق أن المسيح غسل أرجل تلاميذه عند العشاء الأخير، هكذا هو مُحقق أنه يغسل أرجلنا، بل سيستمر يغسل أرجل القديسين إلى أن تستقر هذه الأرجل جميعها على أعتاب المقادس العليا «إذ كان قد أحبَّ خاصته الذين في العالم، أحبَّهم إلى المُنتهى». نعم فمحبته تبقى، تبقى رغم تقلبات الظروف المتغيرة، وتبقى إلى المنتهى، لأنها ليست محبة يوم أو شهر أو سنة، ولكنها محبة أبدية، فما عمله من نحو ألفي عام لا زال يعمله الآن، وسيظل يعمله إلى أن لا تبقى لنا حاجة بعد إلى عمله، وحينئذٍ “يتمنطَق ويُـتكئُنا ويتقدَّم ويخدمنا” في مجد ملكوته.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net