الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 16 يونيو 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الملاذ في الأحزان
«فتضايق داود جدًا لأن الشعب قالوا برجمِهِ ... أما داود فتشدَّدَ بالرب إلههِ» ( 1صموئيل 30: 6 )
بينما كان داود ورجاله في معسكـر أخيش، انتهز العمالقة فرصة غيابهم، وضربوا صقلغ التي بلا حماية، وأحرقوها، وسَبوا النساء والأطفال، ولم يعلم أزواجهم وآباؤهم بذلك. ولكن كلا، فالله قد عَلم، ودبَّر لهم رحمته. وكانت هذه الحالة تبدو مُخيِّبة للآمال حقًا، ولكن المظاهـر كانت خادعة. فرغم أنهم لم يعلَموا بالوقائع، إلا أن الله هيأ بالفعل وسائل إنقاذهم. وخلافًا لنا، فالله لا يُبكِّر قبل اللازم قط، ولا يتأخر بعد اللازم قط. فلو كان أخيش قد صرف داود ورجاله قبل أسبوع لكانوا متواجدين فعلاً للدفاع عن صقلغ، وخسروا درس التأديب الذي كانـوا يحتاجونه. ولو كانوا قد عادوا متأخرين أسبوعًا أكثر لكان من المُحتمل أن فقدوا أحباءهم. فلنرى بإعجاب حدود الله الزمنية لتحرير داود من نير الفلسطينيين.

«فدخل داود ورجاله المدينة وإذا هي مُحرقة بالنار، ونساؤهم وبنوهم وبناتهم قد سُبُوا. فرفع داود والشعب الذين معه أصواتهم وبكوا حتى لم تبقَ لهم قوة للبكاء» ( 1صم 30: 3 ، 4). ولاحظ أنهم لم يتحوَّلوا إلى الله، ولا وضعوا أمرهم عليه. لقد استغرقتهم الصدمة والحزن. وربما عرف القارئ شيئًا من مثل هذه التجربة المؤلمة، كمثل كارثة مالية تلِّم بالنفس، فتلقيها في الاكتئاب القاتم، أو حرمان مفاجئ يحلّ عليه، وفي مرارة الأسى يبدو كل شيء ضدك، وحتى صوت الصلاة يصمت.

«فتضايق داود جدًا لأن الشعب قالوا برجْمه، لأن أنفس جميع الشعب كانت مُرَّة كل واحد على بَنيه وبناته» ( 1صم 30: 6 ). وكان تَحوُّل أتباعه العنصر النهائي في الكأس التي تعيَّن على داود شربها. فإذا لم يستَفد من ضربه بعصا التأديب، فلا بد من أن يتبعها بأخرى. فأبونا القدوس لن يدَع أولاده المُتمرِّدين غير تائبين إلى النهاية. وهكذا كان الأمر هنا. فمشهد خراب صقلغ، وفَقدْ عائلته لم يُحضرا داود على ركبتيه. ولذا فما زالت إجراءات أخرى لتُستخدَم. فغضب رجاله أثار أقصى إعيائه النفسي، وتهديد حياته ذاتها من قِبَل أوثق أصدقائه، كانا طريقة الله لإعادته إليه.

«وأما داود فتشدَّد بالرب إلهه». هنا بزغ شعاع من الضياء في المشهد القاتم. ويا للكثير المُتضَّمن هنا! فداود لم ”يتشدَّد بالرب إلهه“ حقًا، إلا بعد أن مرَّت بقلبه تدريبات ومشاعـر التبكيت، والتوبة، والاعتراف، وبالضرورة أيضًا التعزية وشفاء القلب.

آرثر بنك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net