الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 10 أغسطس 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود الملك
«سيِّدي يُحَارب حروب الرب، ولم يوجد فيكَ شرٌّ كل أيامك» ( 1صموئيل 25: 28 )
في قصة داود الملك أُريد أنْ أوجِّه الالتفات إلى ثلاثة أمور هامة:

الأمر الأوَّل: أنَّ داود لم يُحارب قط لأجل نفسه. صحيح هو بطل مغوار، وله معارك متعدِّدة وانتصارات عظيمة، ولكن هذه كلها كانت لأجل مجد الله وخير شعبه (1صم17). وأمَّا من جهة نفسه فإنَّه لم يُحارب مُطلقًا. وهناك مرَّة واحدة كاد داود أنْ يُخطئ ويُحارب انتقامًا لإهانة لَحقت به من شخص جاهل وأحمق، ولكن الرب تداخل واستخدم أبيجايل امرأة نابال الكرمَلي لتمنعه من ذلك ( 1صم 25: 28 -31). وظلَّ سجله ناصعًا في أنَّ حروبه كلها التي خاضها كانت لمجد الله. إنَّه سلَّم قضيته للربِّ، والرب هو الذي أكرَمَهُ. وكان داود في ذلك رمزًا للمسيح، الذي لمَّا كان هنا على الأرض غارَ لأجل مجد الله ( يو 2: 17 يو 8: 48 )، ولكنه لم يفكِّر قط في الدفاع عن كرامته أمام الأشرار ( 1بط 2: 23 - 59)، بل كان يُسلِّم لمن يقضي بعدل (1بط2: 23).

الأمر الثاني: أنَّه في أكثر من مرَّة وقع شاول المَلك في يد داود، وكان بوسع داود أنْ يقضي عليه، ولكنَّه رفض أن يمد يده ويقتل مسيح الرب، مؤمنًا أن الرب الذي مسحَهُ للمُلكْ، عنده التوقيت المناسب، وسيأتي اليوم الذي فيه سيُسلِّمه المُلك (1صم24؛ 26). وهو في هذا رمز لذاك الذي قيل عنه: «جلس ... مُنتظرًا بعد ذلك حتى تُوضَع أعداؤه موطئًا لقدمَيهِ» ( عب 10: 12 ، 13).

الأمر الثالث: أنَّ داود كان بالنسبة للإيمان هو المَلك الحقيقي، بينما كان شاول ـ المَلك الفعلي ـ مُجرَّد رجل يُطارِد مسيح الرب ( 1صم 25: 28 - 31). وعندما كان داود مُطارَدًا «اجتمع إليهِ كل رَجُل مُتضايق، وكلُّ مَن كان عليهِ دَينٌ، وكل رَجُل مُرِّ النفس، فكان عليهم رئيسًا» ( 1صم 22: 2 ). فهو قَبْلَ أن يكون رئيسًا على كل الشعب، كان رئيسًا على مجموعة مسكينة وقليلة العدد، تحمَّلت معه الطرد والتيهان، وضحُّوا بحياتهم في سبيله، وهؤلاء عندما مَلك داود شاركوه في مُلكه، كما سبق وشاركوه في رفضه. وهكذا فإنَّ شركاء الألم سرعان ما صاروا شركاء المجد! وهو في كل هذا رمز للمسيح الذي يدعـو في الوقت الحاضر كل المُتعَبين والثقيلي الأحمال لكي يأتوا إليه، وهؤلاء بسرور يعتبرونه ربّهم وسيِّدهم، رغم ما يحتملونه من عار وهوان في سبيل اتِّباعهم له، وعنهم تأتي كلمات الوحي المقدَّس: «إن كنَّا نَصبر فسنملك أيضًا معَهُ».

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net