الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 16 سبتمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مدينة قبور آبائي
«إذا سُرَّ الملك، وإذا أحسنَ عبدُك أمامك، تُرسلني إلى يهوذا، إلى مدينة قبور آبائي فأبنيها» ( نحميا 2: 5 )
يلفت انتباهنا التعبير الذي أشار به نحميا إلى مدينة أورشليم: «مدينة قبور آبائي»، وقد أشَار إليه مرتين ( نح 2: 3 ، 5). قد يحمل هذا التعبير تقدير واعتزاز نحميا بهذه المدينة العظيمة، إذ تحتضن أرضها رفات رجال عظام، كإبراهيم وإسحاق ويعقوب، كما تحمل ذكرياتهم الخالدة، ومعاملات الرب الرائعة معهم. غير أننا نرى في هذا التعبير معاني أكثر من ذلك. وذلك عندما نعود إلى أول إشارة للقبر في كلمة الله، عندما اشترى إبراهيم من بني حث مغارة المكفيلة بأربع مائة شاقل فضة ليدفن ميته (تك23).

وما أروع ما يصوِّره لنا هذا المشهد! فها إبراهيم رجل الإيمان، كي يدفن ميته، مزمع أن يمتلك أرضًا في كنعان؛ مغارة المكفيلة، وهو الذي عاش كل حياته لا يمتلك أرضًا، ساكنًا في خيام، ولقد قصد أن يمتلكها ليس كمجرَّد منحة من عفرون الحثي، بل أن يدفع فضة مقابل امتلاكها.

وماذا يعني ذلك؟ هل النهاية المأساوية لكل إنسان هي القبر؟ هل الموت هو الخاتمة الحتمية لكل إنسان؟ نعم إنه كذلك لكل إنسان طبيعي بعيد عن الله: «وُضِعَ للناس أن يموتوا مرةً، ثم بعد ذلك الدينونة» ( عب 9: 27 ). ولكن ليس كذلك لرجل الإيمان! فالموت برهبته وخوفه (معنى كلمة «حث» هي ”خوف“)، لم يكن له الكلمة الأخيرة مع إبراهيم رجل الإيمان، فعن طريق الفداء (وهي ما تُشير إليه الفضة التي اشترى بها إبراهيم الحقل)، استطاع إبراهيم أن يمتلك حقل ”المكفيلة“، والتي معناها ”تثنية“ أو ”رجوع“، والتي تُعبِّر عن وجود رجاء، وأن الموت ليس هو الكلمة الأخيرة، بل هناك عودة مرة أخرى لحياة خالدة أبدية بفضل الفداء!! وهكذا نرى في هذا المشهد البديع: أن الخوف (حث) لم يُعطِّل رجاء القيامة (المكفيلة)، إذ إن الإيمان (إبراهيم) يحصل عليه بالفداء (الفضة)!!

وكأن نحميا وهو يتكلَّم أمام الملك، يتذكَّـر مدينة قبور آبائه، فيما تحمله من مكانة وتقدير، وأيضًا ما تحمله من أمل ورجاء!

يا لشوقي إلى ذاكَ اللقا يهوه المسيحُ المُنتظَرْ
ولسمعي ترانيم السما يا عجبًا من ذا الخبرْ
يا نبال المنايا لا أخاف يهوه المسيحُ المُنتظَرْ
فعلك المرّ يوم الانصرافْ

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net