الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 25 نوفمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بستان جثسيماني
«جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثسَيْمَانِي ... وَابتدَأَ يَحزَنُ وَيَكتئِبُ» ( متى 26: 36 ، 37)
هذا المشهد، جنبًا إلى جنب مع ساعات الصليب، تُعتبر أقدَس لحظات حياة المسيح. نحن هنا نشاهد بشـرية المسيح الكاملة والفريدة. والمسيح قَبِلَ أن يصير إنسانًا بكل معنى الكلمة، ليُمكنه أن يتألم ويموت، فلقد وُلد من امرأة، وخُتن، وجاع وعطش، وحزن وبكى، وأخيرًا في الجلجثة مات.

والواقع أنه مهما وصل ذكاؤنا الروحي من مستوى، فستظل هناك أمور كثيرة فوق إدراكنا وفهمنا. وبلا شك أن أحداث بستان جثسيماني، مع أحداث الجلجثة، هي من ضمن تلك الأحداث التي تَسمو فوق إدراك البشر وفَهمهم. وكما أن موته كان فريدًا، كذلك أحزانه في البستان هنا. لذا دَعنا باتضاع ورهبة مقدسة نقترب لنتأمل القدوس المَحزون، يجاهد في الصلاة تحت أشجار الزيتون. ونحن نعلم أن المسيح في البستان كان وحيدًا، فلم يسمع أحد من تلاميذه ما قال، ولا رأى أحد منهم ما دار. وما سجَّلَـهُ البَشيرون هنا إنما سجَّلوه بوحي من الروح القدس. ولو أن لنا في بعض الفصول من كلمة الله ما يُعيننا على فهم شيء من هذه الليلة المُغَلَّفة بالأسرار والمُفعَمة بالأحزان.

وعبارة «ابتدَأَ يَحزَنُ وَيَكتَئِبُ» تُوحي لنا أن هناك أمواجًا من الأحزان هاجت على ابن الله القدوس. وهذه الأحزان لا تُمثل بداية الحزن في حياته، ذاك الذي كان في كل حياته «رَجُلُ أَوجَاعٍ وَمُختَبِرُ الحَزْنِ» ( إش 53: 3 )، لكننا نراه هنا مُحاطًا من كل ناحية بالحزن. وحزنه هذه المرة فاقَ كل أحزانه السابقة.

خففي الوطء وسيري في خشوع
واملأي بالطيب ساحات الربوع

نعم، إننا إذ نقترب إلى تلك المشاهد المقدسة (جثسيماني والجلجثة)، فحَسنٌ أن نفعل كما طلب الرب من يشوع ( يش 5: 15 )، وقبله من موسى عندما ظهر له في العلّيقة قائلاً: «اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقفٌ عليها أرض مقدسة» ( خر 3: 5 ). نعم حسنٌ أننا بمفهوم روحي نخلع أحذيتنا من أرجُلنا لأننا هنا نقف على أرض مقدسة. وليكن تقديرنا لسيدنا سجودًا وعرفانًا، لأننا إن كنا نسمع سيدنا هنا يقول لتلاميذه: «نفسـي حزينة جدًا حتى الموت» ( مت 26: 38 )، فدَعنا نتذكَّـر أنه لأجلنا كان كل هذا الحزن المُذيب.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net