الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 15 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حضن المحبة السرمدية
«وَكَانَ مُتكِئـًا فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِن تلاَمِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ» ( يوحنا 13: 23 )
المُصوُّرون يرسمـون يوحنا دائمًا الأقرَب شبَهًا بالمسيح من بين جميع تلاميذه. ولا شك أنه الأقرَب إلى قلب المسيح، والأكثر محبةً له. فإنجيله ورسائله تتنفـس بروح شخصية هي الأحلى والأرَّق. غير أن ثمة دلائل تُشير إلى أنه لم يكن كذلك دائمًا فيما مضى، بل كانت له طبيعة متأججة نارية مُتسـرعـة. لقد أراد يومًا أن يستنزل نارًا من السماء ليحرق قرية، ويهلِك أهلها، لأنهم رفضوا قبول المسيح. ليست تلك هي طبيعة المحبة التي نلمسها لاحقًا. كان ينبغي عليه أن يتعلَّم درس المحبة.

قارنَ أحدهم تطوُّر نضوج شخصية يوحنا مع بُركان قديم كان ينفث حِممًا، ولكن الآن تكسو الخضرة قمة الجبل حيث فوَّهة البركان. فالفوَّهة التي كانت قبلاً تَحرق، حلَّت محلها مروج خضـراء وهادئة، وحمام سباحة من الماء النقي الصافـي. وهي تنظر إلى العَلاء كأنها عين ترنو إلى السماوات الجميلة أعلانا. وتُحفُّ بها زهور مُلوَّنة من كل جانب. هذا مَثَل ناطق لطبيعة هذا الرجل، ناري الطبع، القادر أن يهدر مثل بحر زاخر، ولكن النعمة تعهدته حتى صنعت منه شيخًا شامخًا، عميق وواسع النفس، وإن كان في الوقت ذاته رجل رقيق هادئ تُزيِّنه فضائل المسيح.

وما الذي أجرى هذا التغيير في يوحنا؟ ما الذي أبدَل روح النقمة إلى روح الوداعة والمحبة؟ ما الذي جعل من ”ابن الرعد“ رسولاً مُحبًا مُتمثلاً بالمسيح؟ لقد فعل الاتكاء في حضن المسيح فعله. مثله مثل إناء من الطين، موضوع بين ورود ورياحين فوَّاحة، فيتشبع الإناء من شذى الورود، ويعكسها.

وذات المكان مُتاح لكل مَن يصبو إليه؛ حضن المحبة السـرمدية. وكيف نجده؟ نتكئ في حضن المسيح عندما نثق فيه، ونتكِّل عليه. عندما نُصدِّق محبته تجاهنا، ونُغمَر بسيول هذه المحبة. عندما نُحبه لقاء محبته. نحن نستريح في هذا الحضن عندما ننمو في علاقة حميمة مع الرب يسوع، ونسعى إلى شركة وصُحبـة معه، وعندما نُكوِّن معه صداقة قلبية لا ترقى إليها أيَّة صداقة أخرى. عندما لا نُحب أحدًا – كائنًا مَن كان – مثلما نُحبه. عندما نتمتع بهذا الامتياز المقدس: أن نعيش دائمًا بقرب قلب المسيح، عندئذٍ، ونتيجة لهذا القُرب، تتغيَّر شخصياتنا إلى جمال الحُب المقدس الرقيق المُترفق. الارتماء في حضن المسيح يُمَكِّننا أن ننمو إلى شبَه أكثر به، فحياته وحُبه سيفيضان في قلوبنا، ويُكيِّفان وجودنا.

جيمس. ر. ميللر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net