الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 3 مارس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
زهور وجذور
«يُزْهِـرُ كَالسَّوْسَنِ، وَيَضرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنانَ» ( هوشع 14: 5 )
يُشير أرز لبنان إلى العظمة والسمو والقوة، بينما يُشير زهر السوسن إلى الرقة والجمال والضعف. وفي تصوير واحد، هل يُمكن أن يتَّحد الجمال الرقيق للسوسن، مع القوة الشديدة لجذور الأرز؟! صفتان يبدو عليهما التناقض، ولكنهما مُتحدان معًا في كل مؤمـن حقيقي! فالجزء الظاهر فوق الأرض نرى فيه حياة الاتضاع والبساطة، مُمثلة في السوسن؛ النبات الصغير الرقيق الذي يمثل العناية الإلهية. لكن يوجد في المؤمن جزء غير مرئي، مدفون بعمق في باطن الأرض، وهو مُشبَّه بجذور الأرز الكثيفة القوية، التي تُعطى للأرز قوة عظيمة وأساس متين.

والمؤمـن الذي له علاقة بالرب فـي الخفاء، يكون الجزء المختفي (جذور الأرز) أكبر بكثير من الجزء الظاهر أمام الناس (زهور السوسن). والنمو الظاهري من الخارج - بدون أن تكون هناك قوة في الداخل، في الإنسان الباطن – يؤدي بالمؤمن إلى السطحية الضحلة.

ليت الرب يحفظنا من الرياء، فلا ننشغل بالجزء الذي يراه الناس، حتى لا تنطفئ شهادتنا! ولذلك يُحرِّضنا الكتاب على المحبة بلا رياء، وعلى الإيمان بلا رياء، وعلى الحكمة عديمة الريب والرياء. والمؤمن التقى الذي يخاف الله، هو الذي يعمل حسابًا لله الذي يرى في الخفاء، ولا يشغله أو يزعج سلامه انطباعات وآراء البشـر. وعندما نختبر معاملات الله في الخفاء، في العمق، حينئذٍ نستطيع أن نمتلك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ ( إش 45: 3 )، ويُمكننا مشاركة إخوتنا وتعزيتهم في أوقات التجارب.

في الزهر نرى المواهب المُعلَنة الواضحة، لكن الجذور هي الجزء غير المنظور، التي تُحدِّثنا عن عمق الشركة السـرية مع الرب. الناس تهتم بالسوسن الذي يُزهر، أما الله فيرى الجذور التي عن طريقها يستطيع المؤمن أن يستمر في الحياة مواجهًا أصعب الظروف، ومنها يمتص عصارة الحياة ويتغذى ويتقوى. فالمؤمن يرتوي من الينابيع العُليا والينابيع السفلى أيضًا. حسن أن يتمتع المؤمن بالندى والمطر، وهي بركات الله لجميع القديسين، لكن طوبى للمؤمن الذي له شركة قوية مع الله. والرب له المجد كإنسان كامل «نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ، وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ» ( إش 53: 2 ). الفرخ هو الغصن الغض، والعرق هو الجذر، ولكن من أرض يابسة؛ فلم يكن اعتماد المسيح - له المجد – على المصادر البشرية للنمو، بل كانت له شركته السـرية مع أبيه. ويا ليتنا جميعًا هكذا!

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net