في أفسس 5: 25- 27 تُستحضَـر محبة المسيح أمامنا في ثلاثة طرق. فهناك محبة المسيح التي عملت في الماضي، وما تفعله في الحاضر، وما ستفعله في المستقبل. ففي الماضي «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (ع25). فإنه ليس فحسب تخلَّى عن تاجه المَلَكي وأمجاد الملكوت وراحته في الأرض التي وطئها في طريق الاتضاع والآلام، ولكنه في النهاية بذل نفسه.
ولكنه لم يَمُت لأجلنا في الماضي فقط، فهو حيٌ لأجلنا في الحاضر. واليوم «يُقَدِّس» الكنيسة «مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (ع26). إنه مشغول يوميًا بنا ليفصلنا عن هذا العالم الشرير، ويُطهرنا عمليًا من الجسد. هذا العمل المبارك يتم بتطبيق الكلمة على أفكارنا وكلماتنا وطرقنا.
ولنتذكَّـر أنه لم يجعل الكنيسة مؤهلة أولاً لكي يحبها، وبعد ذلك أحبَّها وأسلَمَ نفسه لأجلها. إنه أحبها كما هي، ثم بذل نفسه عنها، والآن يعمل ليجعلها مناسبة له. لقد أحبَّ المسيح الكنيسة في كل احتياجاتها العميقة، وبذلَ نفسه لأجلها، ثم إذ امتلكها فإنه يُطهِّرها ويجعلها مناسبة لنفسه. نحن لا نكتفي إذا كان مَن نُحبه لا يشبهنا، والمسيح لن يكتفي حتى تكون الكنيسة مناسبة له تمامًا.
وفي المستقبل بحسب محبته فإنه سيُحضـِر الكنيسة «لِنفسِهِ، كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» (ع27). إن التقديس الحاضر (ع26)، يرتبط باستحضارها في المجد (ع27)، وهي الحالة التي سنكون عليها عندما يستحضرنا المسيح في مجده. وقياس تقديسنا الآن أننا «قِدِّيسِون وَبِلاَ لَوْمٍ» ( أف 1: 4 ). وبينما نحن هنا لن نرتقي إلى قياس المجد، ولكن لا يوجد قياس آخر. وفضلاً عن ذلك، فإن حالة المسيح في المجد ليست هي فقط قياس تقديسنا، ولكنها أيضًا قوة تقديسنا.
والكلمة تكشف لنا مَن نحن، وتَشغلنا بالمسيح في المجد، وهي قوة التطهير. والكلمة وما يقوم به المسيح في المجد لتقديسنا بها، إنما نجدهما معًا في صلاة الرب الأخيرة «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ». ويضيف الرب «وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ» ( يو 17: 17 ، 19). فالرب يُقدِّس نفسه في المجد كغرض لشعبه على الأرض، وعندما نكون مشغولين به، فإننا نتغيَّر إلى شبهه، من مَجدٍ إلى مَجدٍ.