الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 5 يوليو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صوتُ صارخٍ
«قَالُوا لَهُ: مَنْ أَنتَ؟ ... قَالَ: أَنا صَوْتُ صَارِخٍ فِي البَرِّيَّةِ» ( يوحنا 1: 22 ، 23)
«مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» .. ولا يُجافي يوحنا المعمدان الصواب إذا كان قد قال: ”أنا ابن زكريا الكاهن. أنا المملوء بالروح القدس منذ ولادته“. أو لو كان أجاب: ”أنا أعظم شخصية أرسلها الله إلـى إسرائيل“. ولكن تلك كانت إجابة يوحنا: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي البَرِّيَّةِ». يا له من تواضع جذاب آسر! تواضع كثير الثمـن في نظر الله، وفائق بين الأواني البشـرية التي استخدمها، تبارك اسمه.

وعندما أشار يوحنا إلى نفسه باعتباره ”صوتًا“، استعمل ذات اللفظ الذي قاله عنه الروح القدس قبل سبعمائة سنة. إذ كتب إشعياء النبي: «صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا» ( إش 40: 3 ). ولا يمكننا إلا أن نعتقد أن هذا اللقب كان من اختيار وتعيين الوحي المقدس لغاية خاصة. وسبق أن أخبرَ يوحنا الحبيب، عندما كان بصدَد الحديث عن ألقاب الرب يسوع، أن المسيح هو النور ( يو 1: 7 )، إلا أن الرب نفسه أشار إلى المعمدان باعتباره «السِّـِرَاج الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ» ( يو 5: 35 )، ليُبين الاختلاف بينه كالنور وبين يوحنا؛ السـراج. وهنا نجد مُفارقة أخرى: فالمسيح هو ”الكلمة“ في حين كان يوحنا ”الصوت“. فما هي الأفكار التي يمكن أن نجنيها بالتأمل في هذا اللقب؟

في المقام الأول: تكون الكلمة في الذهـن قبل أن يعلنها الصوت. وهكذا كانت العلاقة بين المسيح وسابقه. حق إن يوحنا أُعلن على الملأ أولاً، ولكن المسيح، الكلمة، كائن منذ الأزل. ثم إن الصوت ببساطة هو المركبة التي تُعبِّر عن الكلمة أو تذيعها، وهكذا كان يوحنا. فموضوع إرسالية وغرض خدمته أن يشهد للكلمة. ثم إن الصوت يُسمَع ولا يُرى، ولم يكن يوحنا يسعى إلى إظهار ذاته. فعمله كان أن يلفت أسماع الشعب إلى رسالة الله حتى يمكنهم أن يُقبلوا إلى ”حَمَل الله“. ليت الرب اليوم يُقيم خدامًا أشبه بيوحنا: فقط أصوات، تُسمَع ولا تُرى! أخيرًا نقول: إن ”الكلمة“ تبقى بعد صمت الصوت. فصوت يوحنا خمدَ بالموت، ولكن ”الكلمة“ يبقى إلى الأبد.

نَخلُص إلى أنه من اللائق أن يُطلَق على الشخص الذي يُقدِّم المسيا إلى إسرائيل: ”الصوت“. وما أروع عمق كلمة الله! كم من الكنوز مُذخَّرة في كلم واحدة! ألا يدعونا ذلك إلى التأمل المُتصل فيها، ومن ثم الصلاة بروح الاتضاع.

آرثر بنك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net