الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 16 أغسطس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المعمدان الأمين
«يَنبَغي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَني أَنـا أَنقُصُ» ( يوحنا 3: 30 )
باتضاع وإخلاص حقيقـيين تمسَّك يوحنا المعمدان بمكانه كخادم لله، ليس له إلا ما أخذ من السماء. لقد أعلن أنه مُمهِّد الطريق للمسيا، وهو أيضًا «صَدِيقُ العَرِيسِ» ( يو 3: 29 ). ومن الواضح أنه تكلَّم هنا بأسلوب رمزي تصويري، فالحقيقة المُسجَّلة في رؤيا 19: 7 عن عُرس الخروف لم تكن قد أُعلنت بعد، ولكن بلا شك أنه قد أُوحيَ له ليعبِّر عن نفسه بكلمات تناسب هذه الحقيقة تمامًا عند إعلانها. لم يكن له صِلة بالعروس، ولكن بصفته «صَدِيقُ العَرِيسِ» فإنه يرى ويفـرح. وسماعه صوت العريس يجعله يقول: «إِذًا فَرَحِي هَذَا قَد كَمَلَ» (ع29).

ثم نَطَق يوحنا بكلمات يجب أن تُحفَر على قلب كل واحد يحب الرب يسوع: «يَنْبَغِي أنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأنِّي أَنَا أنْقُصُ» (ع30). وللمرة الثالثة في هذا الأصحاح نقابل كلمة «يَنبَغِي». ففي الآية 7 ارتبطت بحاجة الإنسان العظمى «يَنْبَغِي أن تُولَدُوا مِنْ فَوقُ». وفي الآية 14 ارتبطت بحُب الله غير المحدود «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ فِي البَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أن يُرْفَعَ ابْنُ الإِنسَان»، وارتبطت هنا بتكريس الخادم المُنكِر لذاته. فمثله مثل الشمس، كان ينبغي أن يرتـفع المسيح إلى أوج السماء بمجد مُتزايد، ومثله هو مثل القمر، كان ينبغي أن يخبو نوره ويختفي. لقد عَرِف يوحنا هذا، ولكن بالرغم من هذا ابتهج لأنه في تلك اللحظة كان المسيح هو كل شيء في فكره. لقد عرف فيه الآتي من السماء وليس من الأرض، ولذلك تكلَّم عنه بطريقة لا يمكن أن تُقال عن أي واحد آخر. لقد كان يسوع في اتصال تام مع دائرة السماويات بدرجة ما كان ليرقى إليها أعظم الأنبياء - حتى لو كان المعمدان.

وقد تحقـقـت كلمات المعمدان، وسرعان ما خبا نجمه واختفى بإلقائه في السجن. وفي هذا لم يَشذ عن القاعدة. فهذه هي القاعدة لكل خدام الله: بطريقة أو أخرى ينقصون ويرحَلون. لقد حدث هذا مع موسى في العهد القديم، ومع بولس في العهد الجديد. فمهما كانوا خدامًا عظماء، يجب ألاّ نركز الفكر عليهم. لقد تألق بولس ككارز مُخلِص ومؤسس للكنائس. ولكنه انتهى في السجن، وبدأ الفشل يدُّب في الكنائس وبذلك يختفي عن أنظارنا. لقد نقص بولس، ولكنه فقط ليزداد السمو الفريد للمسيح. وهذا ما ينبغي أن يحدث لنا جميعًا، ويجب أن نفرح لذلك كما فعل يوحنا.

ف. ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net