الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 أغسطس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حواءُ حسناء النساء
«وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ» ( تكوين 4: 1 )
حواء هي الإصدار الأول والأصلي للمرأة. إنها النسخة الأولى ”العمولة“ التي أُتقنت بمهارة فائقة الكمال للخالق – صاحب الجلال – شخصيًا. إن وجودها لم يكن كالخليقة؛ «قَالَ فَكَانَ»، أو «أَمَرَ فَصَارَ» ( مز 33: 9 )، ولكنها ”بناء“ مُستمِّدة الخامات الخاصة بها من آدم، تاج الخليقة ورأسها. والبناء يتطلَّب تصميمًا هندسيًا مُسبَّقًــا، وإتقانًا في التنفيذ، خاصةً أن القائم به هو ذات الله بجلاله، مما يُتيح لحواء أن تكون مجالاً للتميُّز رغمًا عن كل ما تفعل أو يلصق بها.

«وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: اقتنيْتُ رَجُلاً مِن عِندِ الرَّبِّ» ( تك 4: 1 ). وهنا أستطيع أن أقرأ في حواء الكثير من جميل الصنعَـة، وصائب القرار، ووافر الحكمة، وبُعد النظر: أن تُبادر حواء باتخاذ قرار تَسمية الأبناء هو أمر يُرَى فيه تمييز واضح لإدراكها لدورها كأُم وزوجة، مُعتبرة أن حدود المنزل والأبناء هي صميم مسؤوليتها، تاركة ما هو خارج المنزل للرَّجُل، مُتكفلة بوعي بشئون منزلها، راسمة نموذج لبنات جنسها في احتواء وتدبير المنزل والأولاد.

«وَقَالَتِ: اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ» .. ها هي تَعي تمامًا أن مولود بطنها لم يكن لمُجرَّد معرفة رجل وتزاوج، ولكنه هِبَة وعطية خاصة لها من القدير. إنه من عند الرب. ولعل أخواتنا يكون لهن ذات الإدراك، أن الرب يمنحنا الأبناء كعطية منه، لنكون نحن وكلاء عليهم.

«وَقَالَتِ: اقْتَنَيْتُ رَجُلاً» .. أندهش إذ أتخيَّل حواء وهي تنظر لمولودها الضعيف الصغير ”قطعة لحم“، وترى فيه ”رَجُلاً“، مُتخطية النظرة المحدودة القصيرة الوقتية، لترى فيه ما سوف يكون عليه في المستقبل. إنه بُعد النظر؛ أن ترى في صغيرها أمورًا سابقة لأوانها، فتنتظر تحقيقها. وليت كل أُم تُدرك أن طفلها اللاهي ما هو إلا مشـروع لشخصية ستكون مؤثرة في المجتمع، فتعمل على حُسن تنشئته وتربيته وتعليمه، مُترقبة فيه تحقيق هذه الطموحات والآمال.

وأخيرًا كان لحواء – مُمثلة لبناتها – أكبر أثر في حياة الرب يسوع بالجسد؛ ففي بطنها حُبل به، وفي أحضانها تربى، وتحت أبصارها نشأ، وفي خدمته لم تتأخر عن أن تنفق عليه وتتبع دعوته ( لو 8: 1 -3)، ولم تُلاقِهِ مرة برفض أو إهانة، وسارت وراءه حتى إلى الصليب وإلى القبر، وكأنها تريد أن تُعوِّض ما بدَر منها من تصـرُّف في الجنة، فأكثرَت جدًا من مشاهد اتّباعه وإكرامه.

منسى يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net