الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 13 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نُعمي وإرجاع عُرفة
«اذهَبَا ارْجعَا ... ليُعْطِكُمَا الرَّبُّ أَنْ تجدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا» ( راعوث 1: 8 ، 9)
كانت ”عُرْفَةُ“ ترغب في الذهاب إلى بيت لحم، ولكن ”نُعْمِي“ التي سكنَت في موآب زمانًا هي التي أرجعتها! مع أنها كانت تعلَم إلى أي شيء تُرجعها. فقد قالت لراعوث: «هُوَذَا قَدْ رَجَعَتْ سِلْفَتُكِ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا» (ع15). هل كان أحد في بيت لحم يتصوَّر أن يصدر مثل هذا القول من نُعْمِي قبل أن تذهب إلى موآب؟ حقًا، إن الخطوة الأولى في الانحراف تكون صغيرة، ولكن أي ابتعاد تنتهي بنا إليه! فإن نُعْمِي لم تكن ترغب في أن تعود بعُرْفَة ورَاعُوث إلى بيت لحم. لماذا؟ أ كان ذلك خجلاً لكونها سمحت لابنيها أن يتزوجا من بنات موآب؟ ربما كانت تريد أن تخفي ذلك عن معارفها القدامى في بيت لحم. هذه هي الكبرياء المُدمِّـرة التي فينا. قد نُفضِّل أن نرى البعض يهلكون عن أن نعترف بما يُخجلنا. هذا ما حدث مع داود عندما فضَّل أن يقتل جنديًا أمينًا بارًا، عن أن تنكشف خطيته أمام الشعب (2صم11).

لقد شعرت نُعْمِي أن وضع كنَّتيها مختلف عن وضعها تمامًا، فهي امرأة إسرائيلية راجعة إلى شعبها وإلى مسقَط رأسها، راجعة إلى إلهها. أما رَاعُوث وعُرْفَة فقد كان عليهما أن تتركا شعبهما وآلهتهما، كلتاهما كان عليها أن تترك بيت أبيها، وأن تذهب إلى أرض غريبة، وشعب لم تسمع عنه سوى القليل الذي سمعته من نُعْمِي. ولم تكن مشاعر نُعْمِي، ولا إمكانياتها تستطيع أن تُعوِّض أي منهما عن الأمور التي نشأت فيها، ولا عن تضحيتها بترك مسقط رأسها.

إلى هذا الحد يمكن أن ينحدر المؤمن عن مبادئ الله السامية، فقد كانت نُعمي تَنعي كثيرًا قِسمتها، وكانت تنأى بكنتيها عن أن تشتركا معها فيها. فرأت أن مستقبلهما سيكون أفضل في موآب، ففي كنعان في وسط شعب الله لن تكونا سوى غريبتين، هذا إلى جانب كونها بلا بنين حتى يَستعيدوا لهما علاقتهما السابقة معها التي فصلها الموت. فما الذي يدعو إذًا لالتصاقهما بها؟ ألا يستطيع الرب أن يباركهما وإن بقيتا في موآب؟ هذه هي النظرية الخطيرة، بل والخدمة المسمومة. فنفس الإنسان لم تَعُد في الاعتبار، والأبدية ما عادَت تُذكَـر، أما الله وجوده ورحمته فلا يدخل في الحسبان إطلاقًا. وبكل أسف، لاقَت هذه النظرية استحسان عُرْفَة، ولكنها كانت لهلاكها. فهي نظرية تخمد التبكيت على الخطية، وتوسم الضمير الحي. لنتحذَّر لئلا نضع أولادنا في فم الأسد، لرغبتنا في أن نصل بهم إلى مركز عالمي أفضل، ثم بعد ذلك نطلب من الرب حتى لا يضرهم الأسد!

هــ. ل. هايكوب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net