الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 2 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هأنذا أجيءُ
«هأنذا أَجيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتكَ يَا أَللهُ» ( عبرانيين 10: 9 )
إذا كان الرب يسوع المسيح نزل من السماء ليُكمِل عمل الفداء المجيد، فإن غرضه الأسمى والباعث الأقوى لعمله هذا إنما كان مجد الله «هأنَذَا أجِيءُ لأفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ» ( عب 10: 9 ). هذا هو العامل الأول في كل نقطة من نقط حياته، والدافع الأهم لكل عمل من أعماله، لا سيما في عمل الصليب. فقد جاء لكي يفعل مشيئة الله مهما كلَّفه ذلك، وتبارك اسم إلهنا فإننا نلنا قسطًا وافرًا من إتمام تلك المشيئة «فَبِهذِهِ المَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» ( عب 10: 10 ). ولكن مع كل ذلك فإن الوجهة الأصلية كانت من نحو الله، لأن مسرَّة يسوع ولذَّته وطعامه في عمل مشيئة الله على الأرض؛ الأمر الذي قصَّر فيه كل البشر إذ أعوَزهم مجد الله. نعم إن قومًا بنعمة الله فعلوا «مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِندَ الرَّبِّ»، ولكن لم يوجد قط مَن كانت حياته كلها من أولها إلى آخرها لعمل مشيئة الله، سوى ذلك الشخص الفريد. فهو وحده الذي سار في هذا الطريق بدون تردُّد أو انحراف قيد شعرة. فقد «أَطَاعَ حَتَّى المَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» ( في 2: 8 )، ومكتوبٌ عنه أنه «حِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لاِرْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ» ( لو 9: 51 ). وبينما كان مُتجهًا من بستان جثسيماني نحو موضع الصليب، كانت لهجة قلبه «الكَأْسُ الَّتِي أعطَانِي الآبُ أَلاَ أشْرَبُهَا؟» ( يو 18: 11 ).

ولا جدال في أن الله اشتَّم حياته هذه رائحة رضى وسرور. ووجود إنسان كامل على الأرض يُتمِّم مشيئة الله حتى الموت، لا شك أنه كان شُغل السماء وموضوع اهتمامها. ومَن الذي يستطيع أن يسبر أعماق قلب ذلك الإنسان الوديع لا سيما في إخلاصه الكامل الذي ظهر فوق الصليب؟ الله وحده طبعًا هو الذي سبر غوره.

وفي هذه النقطة بنوعٍ أخص يصدُق القول: «لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبنَ إِلاَّ الآبُ» ( مت 11: 27 ). ولا يستطيع الإنسان أن يعرف عن هذه الأمور شيئًا إلا بمقدار ما يُعلنه له الآب بالروح القدس. إن عقل الإنسان في طاقته أن يُدرك ما يقع تحت حوَاسه ممَّا هو «تحت الشمس»، والعلوم البشرية إنما تتلقنها مدَارك الإنسان، أما الابن فلا يعرفه أحد إلا بمقدار ما يريد الآب أن يُعلنه بقوة الروح القدس بواسطة الكلمة المكتوبة. وسرور الروح القدس في إعلانه الابن يتمثَّل في أن يأخذ ممَّا ليسوع ويُخبرنا. لذا نُعاينه بملء جماله وكماله في الكلمة.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net