الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 20 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يهوذا وبنيامين
«لِيَمْكُث عَبْدُكَ عِوَضًا عَنِ الغُلاَمِ، عَبْدًا لِسَيِّدِي، وَيَصْعَدِ الغُلاَمُ مَعَ إِخوَتِهِ» ( تكوين 44: 33 )
من بين إخوة يوسف الأحد عشر، كان بنيامين هو الوحيد الذي لم يكن مُذنبًا، ولكنه هو الذي كان سيُحكَم عليه ( تك 44: 10 ، 17). ففي هذا، كما في مشاهد أخرى، يرمز بنيامين إلى المسيح.

وهوذا الإخوة العشـرة وقد وُضعوا أمام نفس الاختيار الذي كان قبل ذلك بعشـرين سنة؛ إما أن يُضحُّوا ببنيامين أخيهم ويتركوه في مصـر، ويصعدوا بسلام إلى أبيهم ( تك 44: 17 )، غير مُبالين بالألم الجديد الذي سيُسببونه ليعقوب أبيهم، وإما أن يعترفوا في النهاية بأخطائهم، وأن يتحمَّلوا العقاب الذي يستحقونه. تُرى هل ضيق بنيامين سيؤثر فيهم أكثر من ضيق يوسف؟ هل سيكونون أكثر إحساسًا بألم أبيهم الشيخ ممَّا كانوا في المرة السابقة؟

يدخل الآن في المشهد يهوذا؛ الأكثر مذنوبية بين الإخوة العشـرة، فهو الذي أوصى ببيع يوسف إلى الإسماعيليين. لقد سبق أن اعترف بخطئه مع إخوته ( تك 42: 21 )، ولكن ليس أمام يوسف. فماذا سيفعل الآن؟

اقترب يهوذا من يوسف. وفي دفاع مؤثر، شفع في أبيه العجوز الذي لن يقدر أن يحتمل ألاَّ يرجع إليه ابنه الصغير الذي تعلَّقت نفسه به بشدة «يَكُونُ مَتَى رَأى أَنَّ الغُلاَمَ مَفقُودٌ، أَنَّهُ يَموتُ» ( تك 44: 31 ). لم يكن يهوذا قبل ذلك بعشرين سنة، يكتَرث بألم أبيهِ. لقد خدعَهُ بالثوب المُلوَّث بالدم، وفي رياء كان يحاول أن يعزيه. أما الآن فإن نفسه قد حُرثِت، ولُمِس قلبه، ولم يُمكنه سوى أن يتشفَّع لأجل يعقوب. ويلزم أيضًا التذكير بالخداع الذي استخدموه ليخفوا جريمتهم عن يعقوب، الذي استخلَص هذه النتيجة: «إِنَّما هُوَ قَدِ افتُرِسَ افتِرَاسًا» ( تك 44: 28 ). وهكذا عَلم يوسف ما تجاسر أن يفعله إخوته نحو أبيه الحبيب.

ثم أخذ يهوذا يترافع لأجل بنيامين، فقال: «فَالآنَ لِيَمكُثْ عَبْدُكَ عِوَضًا عَنِ الغُلاَمِ، عَبدًا لِسَيِّدِي، وَيَصعَدِ الغُلاَمُ مَعَ إِخوَتِهِ». قبل ذلك بعشرين سنة، باع يهوذا أخاه يوسف عبدًا، وأما الآن فكان مُستعدًا أن يَبقى عبدًا لحاكم مصر مهما كانت العواقب.

لقد أُحضرت جذور الشَّر المتنوعة إلى النور: الحسد، ومحبة المال، وجمود العاطفة أمام آلام الآخرين، والقساوة، والرياء. واختبَر الإخوة في أنفسهم الضيق الذي كان من نصيب يوسف، ومصيره كعبد وبؤسه، وقد تأثروا جدًا لألم أبيهم، والكذب من جهة اختفاء يوسف اعترفوا به. وبذلك لم يكن هناك ما يمنع يوسف من أن يُعرِّفهم بنفسه.

جورج أندريه
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net