الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 3 أكتوبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
غُصن شجرَةٍ مُثمرةٍ
«يُوسُفُ ... غُصنُ شَجَرَةٍ مُثمِرَةٍ علَى عَينٍ. أَغصَانٌ قَدِ ارتفَعَت فَوقَ حَائطٍ» ( تكوين 49: 22 )
يوسف، كرمز للمسيح، هو أقل رجال العهد القديم خطأ، ولذلك فهو أفضلهم من جهة الرمز. لم يُدوَّن شيء ضده، بل كثير من ظروفه تسير جنبًا إلى جنب مع تلك التي للرب يسوع، المرموز إليه العظيم.

وكلماتنا هنا تتعلَّق بجزء من بركة ذلك الشيخ يعقوب، ليوسف ابنه، أثناء نبوته عن أولاده في آخر ساعات حياته. وما أجمل ما يُشَبِّه به يعقوب ابنه يوسف، هذا الابن الذي أحبه أبوه أكثر من سائر بنيه، إذ يقول: «يوسُفُ، غصنُ شجرةٍ مُثمرةٍ، غصنُ شجرةٍ مُثمرَةٍ على عَينٍ. أَغصَانٌ قَدِ ارتفعَت فوقَ حَائِطٍ».

والصورة التي أمامنا صورة شجرة مثمرة، أغصانها قد ارتفعت فوق حائط، وجذورها انتشـرت حول عين ماء. والشجرة في اتصال مستمر بتلك العين غير المنظورة، العين التي تغذيها ينابيع صادرة من الآكام الدهرية. هذه الشجرة تنمو وتزدهر حتى في أشد أيام الصيف حرارة. كما أن الحائط تستند عليه الأغصان، ويُساعد على امتدادها، وبعضها قد ارتفع عليه. ويُذكِّرنا هذا بما يحدث في البلاد الشرقية من جلوس الإنسان وهو مُتعَب تحت ظل شجرة، يقطف من ثمارها الحلوة، فتنتعش نفسه.

والأغصان الحاملة الثمر وقد ارتفعت فوق حائط، ترمز إلى التأثير السري الذي لحياة الرجل الصالح. فالحياة التي في اتصال غير منقطع مع نبع البركات الغير المنظور، تسندها أيضًا حائط الشهادة. وهذه جميعها تعمل على إنعاش السائرين المُتعَبين في طريق الحياة. فهؤلاء المتعَبُون، إذ تلذذهم وتنعش نفوسهم ثمار الغصن المرتفع فوق الحائط، من شجرة على عين، يشكرون الله وهم في رحلتهم سائرون.

وما أعظمها بركة حقًا أن تجد حياة صالحة مؤثرة على الآخرين، دون مجهود أو عناء، ذلك لأنها وليدة اتصال مستمر مع نبع دائم الجريان، يخرج من جبال الله.

أ لم يختبر الكثيرون بركة هذه الحياة؟ إن الأتقياء الأفاضل قد لا يدركون مدى تأثير حياتهم العملية الكريمة على الآخرين، ولكنهم في المستقبل سيرون ثمارها اليانعة وما أنتجته من خير للخطاة والقديسين أيضًا.

يقول الرب – تبارك اسمه - «بهذَا يتمجَّدُ أَبِي: أَن تأتُوا بثمَرٍ كثيرٍ فتكونونَ تلاَميذي» ( يو 15: 8 ). ويُصلِّي الرسول بولس لأجل المؤمنين ليَسلكوا «كما يحِقُّ للرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثمرينَ فِي كلِّ عملٍ صالِحٍ» ( كو 1: 10 )، فيصير كل منهم حقًا «غصنُ شجرةٍ مُثمرةٍ».

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net