يلّذ لنا أن نتأمل في قدمي الرب يسوع - له المجد - في بعض المشاهد المختلفة من كلمة الله:
أولاً: قدما الخادم التاعب: ومَن تعب نظير ربنا يسوع مُحب النفوس الأعظم؛ كيف كان يطوف المدن والقرى سيرًا على الأقدام، بحثًا عن خاطئ مسكين يحتاجه. سارَ ساعات طوال وتحمَّل متاعب السفر الشاق (يوحنا4)؛ ليلتقي مع امرأة بئر سوخار.
ثانيًا: قدما الطبيب الرقيق: ما أروعه طبيبًا! ما كان ليؤخر أو يمنع نفسه عن أي مريض أذلَّه المرض وأضناه الوجَع؛ فعندما جاءه يايرس رئيس المجمع؛ يلتمس منه أن يذهب معه؛ ليشفي ابنته، نقرأ أنه انطلق معه ( لو 8: 42 ). وذهب إلى بركة بيت حسدا ليشفي مَن أقعدَه المرض لمدة 38 سنة (يو5). فما أعظمه طبيبًا!
رابعًا: قدما المُخلِّص المتألم: يا للعجب! إن هاتين القدمين اللتين سارتا في الأرض بحثًا عن الخطاة البائسين، وشفقةً بالمرضي المتألمين؛ نجد أنهما قد تَسَمْرتا في الصليب، يقول الرب بالنبوة: «ثَقَبُوا يَدَيَّ ورِجْلَيَّ» ( مز 22: 16 ). بالحق أن مساميرهم الحديدية كشفت عن قلوبهم الفاسدة الحجرية.
خامسًا: قدما الديان المُرعِب: هذا الكريم الذي أُهِين كالعبد، الذي في أيام جسده عانى الاحتقار والخزي، وذاق الهوان والصلب، الذي تهكَّموا عليه قديمًا يوم صلبه، والذي لا زالت بعض الألسنة تتطاول عليه في زمان صبره، لا بد - في يوم قريب - أن يطأ أعداءه ويدوس رافضيه، يقول الكتاب عنه: «قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجلِس عَن يَميني حَتى أَضَعَ أَعدَاءَكَ مَوطِئًا لقدَمَيكَ» ( مز 110: 1 )، ويقول الرب نفسه بالنبوة: «قَد دُستُ المِعصَرَةَ وَحدي، ومن الشُّعُوبِ لَم يكُن مَعي أَحَدٌ. فَدُستهُم بغَضَبي، ووَطِئْتهُم بِغَيظي. فَرُشَّ عَصيرُهُم علَى ثِيَابِي، ..» ( إش 63: 3 ). وكم نشكر الله أننا كمؤمنين لا نصيب لنا في دينونتهِ، لكن لنا كل الحق أن نقترب عند قدميه الكريمتين لنُكرمه، وأن نتطلَّع إلى قدميهِ المثقوبتين فنعبده ونسجد له.