الشيب هو مظهر القوة الذابلة الآخذة في الرحيل. وهو يُحدثنا عن أن صاحبه في طريق الانحدار، وأن الشيخوخة والتحلُّل في طريقهما إليه. ومن النادر جدًا أن يشيب واحد بين يوم وليلة. وهكذا التدهور الروحي ليس من الضـروري أن نحسّه أو نُفاجأ به، بل يبدأ بذبول في النضارة الروحية وخمود في النشاط والحماس. وفي هذه الحالة يرى الآخرون الشيب وقد رُشَّ عليه. فيرون الإهمال في ناحية، وعدم المُبالاة في ناحية أخرى، يرون غرامًا وحنينًا وراء الصداقات العالمية. فتتناقص الفرص التي تُقضـى في الصلاة ودرس كلمة الله، مع شغف مُتزايد بما هو مُبهج وطائش، واسم يسوع قلَّما يكون على الشفاه، بينما هناك ميل متزايد للمباحثات غير النافعة. ويا للمُباينة الكبيرة! ( 1تي 4: 15 ، 16). والعجيب أنه قد يُصاحب هذا ادعاء بالاستعلاء والتسامي ( هو 7: 10 ). ومع هذا فلا رجوع إلى الله، ولا رغبة في معرفة فكره بشأن هذا جميعه، حتى يُذلُّ بالتأديب.
وأفرايم، نظيره نظير غيره من المُرتدين بالقلب، كان يجهل تمامًا حقيقة الأمور. لقد بدأ تدهوره بتحالفه النجس مع الأُمم، وانتهى بتورُّطه في عبادة الأصنام ( هو 4: 17 ؛ 7: 8). وكما هي العادة، عبادة الأصنام تقود إلى الفساد الأدبي الذي فت في عضد الأُمّة كلها.
إن التحذير صريح لنا. ومن واجبنا أن نفتش لنعرف هل دبَّت فينا علامات الشيخوخة الروحية. من الممكن جدًا أن نُحافظ على صورة ظاهرية من الروحانية بينما الضمور الروحي يتفاقم. وجهلنا بحقيقة حالتنا قد يَنجم من إهمالنا الفحص وإدانة الذات في نور كلمة الله التي تكشف لنا مقدار الفرق بين المَثَل الأعلى وبين الواقع.
إن التدهور الروحي يبدأ عادةً مع إهمال قياس أنفسنا على المقياس الصحيح ( 1تي 4: 16 )، أما مصيبة أفرايم في أنه ”لا يَعرِفُ“. وهكذا شمشون «لَم يَعلَم أَنَّ الرَّبَّ قَد فارَقَهُ!» ( قض 16: 20 ). وعدم المعرفة مأساة مُحزنة. والطريقة السليمة الحاسمة للتخلُّص من الشعر الذي كساه البياض ليست صباغته، بل استئصاله من الجذور «لِنطَهِّر ذواتنَا من كلِّ دَنسِ الجسَدِ ...، مُكمِّلين القداسةَ فِي خوفِ اللهِ» ( 2كو 7: 1 ). فنحن - الذين نُطهِر ذواتنا – علينا أن ننفر، ونطلب بالصلاة، ونعترف ونتوب عن كل دنس. ومتى قمنا بواجبنا، نسمع من الرب قوله: «وأَرُشُّ عليكم مَاءً طاهرًا فتُطَهَّرُونَ. مِن كُلِّ نجَاسَتِكُم ومن كلِّ أَصنامِكُم أُطهِّركُم» ( حز 36: 25 ).