الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 9 أغسطس 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الرَّب في الزوبعَةِ
«الرَّبُّ فِي الزَّوبَعَةِ، وفِي العَاصِفِ طَرِيقهُ، والسَّحَابُ غُبَارُ رِجلَيهِ» ( ناحوم 1: 3 )
”نَاحُوم“ معناه ”تعزية“، والواقع أنها مُعزية فعلاً أقواله الثمينة المفرحة التي أُوحي بها إليه في الأصحاح الأول. فالنقمة لله «الرَّبُّ إلهٌ غيورٌ ومُنتقمٌ» (ع2)، «إِذ هو عَادلٌ عندَ الله أَنَ الذينَ يُضَايقونكم يُجازيهِم ضيقًا» ( 2تس 1: 6 ). فهو أبدًا يراقب شعبه، وإن أجاز أمورًا كثيرة لتأديبهم، فإنه لن يتجاوز عن إهانة تلحق بمفدييه «حَافظٌ غضبَهُ على أَعدَائِهِ» (ع2). ولاحظ أن أعداء شعبه هم أعداؤه. فهو يجعل دعواهم دعواه، والإيمان يرتاح على ذلك، فيُعفى من قلق كثير وانزعاج. قد تفزع الطبيعة حيث يهدأ الإيمان، فالطبيعة ترى جيوش الأعداء، ولكن الإيمان يرنو إلى الله.

والعدد الثالث ينطوي على ما هو كريم جدًا في عيني النفس المكروبة، كما على إنذار خطير لمَن يُقسِّـي قلبه ضد التأديب. فو إن كان الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة، فإنه لا يتجاوز عن الإثم، ولا يبرئ الشـرير. إنه «رَحِيمٌ ورؤوفٌ، بَطيءُ الغضَب وكثيرُ الاحسَان والوفاءِ. ... غافرُ الإِثمِ والمعصيَة والخطيةِ. ولكنهُ لَن يُبرِئَ إِبرَاءً» ( خر 34: 5 -7). هو مملوء حبًا، بل هو محبة، لكنه أيضًا نور. ولهذا فلا بد من إدانة الخطية، وهنا يأتي الصليب. على أنه حتى فيما يتعلَّق بالذين وجدوا في الصليب غفرانًا، فإن الله لا يحتمل الشـر غير المَقضـي عليه «لأَننا لو كُنَّا حكمنا على أَنفُسنا لَمَا حُكِمَ علَينا، ولكن إِذ قد حُكِمَ علينا، نُؤَدَّبُ من الرَّبِّ لكي لا نُدَانَ معَ العالمِ» ( 1كو 11: 31 ، 32). فسواء فيما يتعلَّق بالناس، أو بأولاد الله على وجه خاص، فإن عين قداسة الله لا تتسامح في شيء حتى يَقضي على كل ما لا يتفق مع قداسته وحقه.

وإن بَدَت الريح العاصفة أو الزوبعة تكاد تبتلع القديس، واسوَّدَت سماؤه بالسحب، فما أجمل أن يذكر أن «الرَّبُّ فِي الزَّوبعةِ، وفي العاصِفِ طرِيقهُ، والسَّحابُ غُبارُ رِجلَيهِ» ( نا 1: 3 ). فارفع إذًا بصـرك أيها العزيز المُجرَّب المُتحيِّر، فإن سَيِّدك يعلو سحائب الحزن الكثيف. وكما أن الغبار من بعيد يُنبئ بقدوم مسافر قبل أن نتبيَّنه على الطريق، هكذا تُحدِّثنا السحب أن مجيئه قريب، ذاك الذي يعرف كل أحزاننا، وبالمحبة يُكفكف دموعنا. بأمره يَنتهر البحر المضطرب فينشف، وتجف أنهار الويل، كما نشَّف قديمًا بحر سوف، ورَدَّ مياه الأردن. الخليقة كلها تعترف بقوته، والعناصر تُقر بسلطانه. ليس مَن يقف أمام سخطه أو مَن يقوم في حمو غضبه. لكنه «صَالِحٌ هوَ الرَّبُّ. حِصنٌ في يومِ الضَّيقِ، وهوَ يَعرفُ المُتوَكِّلِينَ علَيهِ».

أيرنسايد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net