الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 1 أكتوبر 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قيافا ونبوَّته
«خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا!» ( يوحنا 11: 50 )
كان المنطق الفاسد لقَيَافَا الشرير واضح تمامًا وهو: ما أبسط التضحية، إنسان واحد! وما أعظم المكسب: الأمة كلها!

إن قَيَافَا لم يكن يبحث عن العدل، بل عن المصلحة. إنه لم يفتش عن البر، بل عن الربح والمكسب. إنه هنا لا يمثل الرحمة باعتباره رئيس كهنة، ولا حتى العدل كقاضٍ، بل يتصرف وينطق كسياسي، بكل ما في السياسة من دهاء ومن فساد. لا يهتم بأخلاق ولا يبالي بقانون، بل خلص إلى القول إن ازدياد شهرة هذا الناصري يحتم موته، بغض النظر عن أي اعتبار آخر. خير أن نعرِّض حياة شخص للخطر، ولا نعرِّض الأمة كلها للخطر. قديمًا عندما أراد داود المرفوض أن يخرج للحرب مع الشعب، فإن رجال شعبه المُخلِصين له رفضوا، وكانت حجتهم للرفض «لأَنَّنَا إِذَا هَرَبْنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا، وَإِذَا مَاتَ نِصْفُنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا. وَالآنَ أَنْتَ كَعَشَرَةِ آلاَفٍ مِنَّا» ( 2صم 18: 2 ، 3). وأما ابن داود، الذي هو في الوقت نفسه ابن الله الوحيد، ولكنه المُحتقر والمخذول من الناس، فلم يجد مَنْ يقول في حقه مثل هذه الكلمات التي قيلت عن داود، بل قال قَيَافَا: خَيْرٌ أن يَهْلَكَ، عن أن تَهْلِكَ الأمة!

يا للعمى! هل المسيح في نظرك يا قَيَافَا مجرد واحد، لا بأس من أن يهلك؟ ألا تعرف أيها الشرير مَن هو هذا الواحد؟ ألا تعلم أن قيمته أكبر من كل الأمة بما لا يُقاس، بل إن كل الأمم أمامه كنقطة من دلو، وكغبار الميزان تُحسب ( إش 40: 15 )، أو بالحري لا تُحسب. ولولا عنصر المحبة العجيبة التي بها أحب، كان من المُحال أن تتم تضحية كهذه. ثم يا للظلم! أ يُجبر البريء، الذي لم يفعل ذنبًا، ليموت عن الأمة. إنه لم يأخذ رأيه إن كان يقبل تلك التضحية لأجل الأمة أم لا، بل إن قَيَافَا هو الذي سيحكم عليه بالموت ليُنقِذ الأمة! هذا هو ممثل الرحمة، بحكم وظيفته ( عب 5: 1 ، 2)، فإذا به لا يمثل الرحمة، ولا حتي يمثل العدل، بل إنه مثَّل بهما.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net