طوال جلسات محاكماته، كان المسيح صامتًا «ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ» ( إش 53: 7 ). عندما ضربوه لم يجب بشيء، وعندما سمروه على الصليب لم يتفوه بكلمة واحدة. ولكن عندما تركه الله وتخلى عنه، فقد زأر كالأسد، وسُمع صوت زفيره وشكواه عندئذ. فكان ذلك زئير الألم. أعتقد أن صرخة المسيح على الصليب هذه، هي التي حركت الصخور وزلزلت الجبال. فها هو خالق الكون يتألم ويصرخ عندما حمل خطايا العالم على ذاك الصليب، يصرخ صرخة الأسد المتألم المجروح المتروك من الجميع.
استمع إليه قائلاً «أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ» ( مز 22: 6 ). رأيناه قبل قليل يزأر كأسد، وأما الآن فيقول: «أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ»، فكيف يكون ذلك؟ ذلك لأنه قد وصل إلى أدنى مكان «مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ» ( إش 53: 3 ).
الشيء المثير هنا هو أن الكلمة المستخدمة “دُودَة” هنا، تُشير في اللغة الأصلية إلى “دودة القز” التي تُستخرَج منها الصبغة الحمراء التي كان العبرانيون يستخدمونها في القديم، لطلاء جدرانهم باللون الأحمر الدودي الغامق. وهكذا فإن المعنى الآخر للدودة هو أنك بدم المسيح فقط تستطيع - صديقي - أن تتغطي، ويختفي عن حياتك لطخةَ الخطية السوداء. فهو - تبارك اسمه - من قال: «هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ» ( إش 1: 18 ).