الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 5 يونيو 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مَن أخطأَ؟
«يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟» ( يوحنا 9: 2 )
هناك الكثيرون مِمَن لا يُبالون بعذاب الناس، طالما كل شيء معهم على ما يرام. لكن على الجانب الآخر هناك أشخاص لا يحتملون ذلك، بل يتعاطفون مع المُعذَّبين في الأرض والبؤساء، وفي تعاطفهم يفكرون، وفي تفكيرهم يتساءلون عن سبب الألم في حياة الناس. وعند مَن يؤمن بوجود إله حكيم ضابط الكل، لا يمكن أن يكون الأمر صدفة. فهل يا ترى الخطية هي السبب؟ وإن كانت الإجابة نعم، فخطية مَن: خطية الشخص نفسه، أم خطية ذويه؟

والخوف أن تشغلنا مثل هذه الأسئلة عن التعاطف مع البؤساء والمُعذَّبين، ومد يد الإسعاف للمحتاجين. أو يصرفنا تفكيرنا إلى محاولة الفهم وفلسفة الألم، فيأخذ كل وقتنا وطاقتنا، ونتوقف عند هذا الحد. ويبدو أن تلاميذ المسيح فعلوا ذلك عندما رأوا المولود أعمى. لقد لاحظوا أن هذا الإنسان بائس، وأن بؤسه مركَّب، باعتباره مولود أعمى، كما أنه فقير وشحاذ، فحوَّلوا الموضوع إلى مناقشة فلسفية تحتاج إلى شرح.

ليس كذلك المسيح. فهو ليس مشغولاً – مثل التلاميذ – بحل أحجية الألم، بل إنه أوضح، من أول عظة له، أنه أتى إلى العالم ليُعالج مشكلة الألم، فقال: «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشّـِرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَة» ( لو 4: 18 ، 19). نعم المسيح لم يأتِ من السماء إلى الأرض ليكون فيلسوفًا، بل مُخلِّصًا وطبيبًا. ولهذا فإنه هنا لم ينزلق إلى ما اقترحه التلاميذ عليه، لكي يشـرح لهم فلسفة الألم بل أوضح كيف أن الله في حكمته سيتخذ من هذا الألم فرصة لإظهار أعماله. والدرس لنا نحن أيضًا. فلنحذر أن نظل قابعين في أماكننا نناقش قضايا لاهوتية، ونُهمِل أن نكرز بإنجيل المسيح للنفوس الهالكة، وأن نسرع لمساعدة العُمي روحيًا.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net