إن استعمال الرب يسوع للكلمتين: «أَنَا هُوَ» كان بمثابة إعلان لاهوته. وكم مِن مرة ذكر هذه العبارة: «أَنَا هُوَ»؛ «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا» ( مت 14: 27 )، ««مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ» ( يو 8: 28 )، «إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ» ( يو 8: 24 ). وربما كان أعجب استعمال لهذه العبارة عندما أتوا ليقبضوا عليه: «وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ تَطْلُبُونَ؟ أَجَابُوهُ: يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ ... فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ» ( يو 18: 4 -6)، ففي تلك الساعة الرهيبة قد غلبتهم قوة كلماته ورهبتها.
ولم يُظهِر المسيح نفسه من جهة اللاهوت فقط، بل أعلن نفسه كخلاص الله المُقدَّم للعالم. إننا عندما نتأمل في العبارات الخاصة بالمسيح من هذه الناحية لا يسعنا إلا أن نقول: «لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَـرَتَا خَلاَصَكَ» ( لو 2: 30 ). أَيطلب إنسان خلاصًا؟ ليسمع قول الرب: «أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ» ( يو 10: 9 ). هل تطلب نفس جوعانة خبز الحياة؟ لتسمعه يُخاطبها قائلاً: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ» ( يو 6: 48 ). أَيبحث شخص باشتياق عن طريق الحياة؟ لمثل هذه النفس الحائرة يقول الرب: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» ( يو 14: 6 ). أَتشعر نفس بالافتقار إلى الغِذاء الذي يُمكّنها من أن تُثمر في الحياة؟ لتستمع هذه النفس إلى صوت السَيِّد القائل: «أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ» ( يو 15: 5 ). أَيشعر شخص بالحاجة إلى الاستقرار والطمأنينة؟ ليسمع مثل هذا الشخص قول الحبيب: «أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي ... وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي» ( يو 10: 14 ، 28). هل يُزعج الناس القبر المفتوح؟ إذن فليسمعوا كلماته السامية: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» ( يو 11: 25 ).