إننا نرى على الجانب الأول كل الاستعدادات المُحكمة: أربعة أرابع من العسكر، أي ستة عشر عسكريًا، وسلسلتين، وثلاثة أبواب كل عليها حراسة كاملة، وتصميم هيرودس الذي لا هوادة فيه، وانتظار شعب اليهود المتحفز للتنكيل بالرسول المسكين. وماذا يتبقى لحفنة المسيحيين الضعفاء؟ الصلاة والرب يسوع، هذا كل ما كانوا يملكونه، وهو يكفي ويزيد.
إن كل الاستعدادات التي ذكرناها لقتل بطرس تضحى هزيلة مضحكة إذا سلطنا عليها نور «وَأَمَّا» التي ذكرها الوحي «وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ». ففي الوقت الذي كان مزمعًا أن يُقدَّم بطرس فيه، إذا ملاك الرب أقبل ونور أضاء. وهو نفس التوارد المذكور في مزمور18: 6-17 «فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ ... وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ. فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ». وماذا بعد؟ «أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي ... أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّي الْقَوِيِّ». إن كل قدرة وقوة الإله العظيم تأتي من أعالي المجد إلى الأرض المرتجفة، لا لأمر سوى أن مؤمنًا مسكينًا صرخ على الأرض، ومن السماء جاء الإنقاذ والخلاص لهذا المسكين. أي أن أساس إظهار قدرة الله المجيد كان في صلاة مؤمن من المؤمنين، والهدف كان خلاص هذا المؤمن. وهذا ما نراه في هذا الحادث الفريد: صلاة أناس عزل أضعف بما لا يُقاس من الملك هيرودس وأوامره، وأربعة أرابعه، وسلاسله وأبوابه، ودهاليزه، ولكن «كَانَتْ تَصِيرُ صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ»؛ هذا كل ما عُمل من جانب المؤمنين، فكان الخلاص والإنقاذ لبطرس.
وهكذا يُعلن لنا الوحي قوة الضعفاء، وسلاح العزل، ودفاع مَنْ لا سند أو عضد لهم. ولو كانت الكنيسة في كل أجيالها، وفي أوقات محنتها أو كربها، حفظت لنفسها هذا السلاح الوحيد المسموح لها به، لكانت أشد بأسًا وأقوى سلطانًا.