يا تُرى ما الذي كان يقصده السَيِّد بقوله: «يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ»؟ هل كما يتصوَّر الكثيرون أن الروح القدس يجعل الناس يشعرون بالندم الشديد من جرّاء أفعالهم الأثيمة ودعارتهم وكبريائهم وفجورهم؟ كلا. لم يَقُل المسيح هنا إنه “يبكت العالم على خطايا”، وإنما «يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ». فأية خطية هي هذه؟ يُجيب الرب يسوع «أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي» (ع9). هذه هي أفظع وأشنع خطية، التي بسببها سيغرق الناس في عُمق وجوف الأبدية الرهيبة والعذاب الأبدي. نعم، فقد قال المسيح: «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ» ( يو 3: 36 ).
هذه الخطية هي رفض الرب يسوع المخلِّص، الذي عُلق على الصليب. وهناك قد وضع الرب عليه «إِثْمَ جَمِيعِنَا». فليس بسبب الخطايا اليومية ـ رغم بشاعتها ـ سوف يُطرد الأشرار من أمام الله في انفصال أبدي مُرعب، وإنما بسبب خطية رفض الابن. إذًا فلم تَعُد الخطية اليوم هي بين الإنسان والله، وإنما المشكلة كانت بين الابن وبين الخطية، التي سدَّد الرب حساب دينونتها إلى التمام. ومن هنا فلم يَعُد السؤال من جهة ما الذي فعلناه؟ وإنما السؤال هو حول مسؤوليتنا وموقفنا إزاء عمل المسيح الذي قدَّم نفسه كفارةً لأجل خطايانا. والآن، فإن الله يسأل كل شخص: ما هو موقفك تجاه ابني وعمله لأجلك على الصليب؟
أيها العزيز: إن وضعت كل ثقتك في شخص المسيح المبارك، فإنك ستتمتع بقيمة عمله الكفاري، ستتمتع بالتكفير الكامل عن آثامك وخطاياك. لكن إذا رفضته ولم تقبله مخلصًا شخصيًا، فلا بد لك أن تواجه الله في النهاية بخطاياك، وذروة هذه الخطايا، هي رفضك للمخلِّص الذي مات لكي يفديك ويخلِّصك.