لقد مجَّد الرب يسوع أباه في حياته على الأرض. أما على الصليب، فنراه يُمجِّد الله في موته. فالله هنا - كالله وليس الآب - هو ديان الخطية. فالأمر إذًا لا يتعلَّق بالآب، بل يتعلَّق بالله وموقفه من الخطية. وذاك الذي مجَّد الآب بحياة الطاعة على الأرض، نراه فوق الصليب يُمجِّد الله بالموت الذي فيه تكمَّلت واكتملت الطاعات جميعها. ولم يقتصر الأمر على هذا، بل إن الإثم كله قد وُضِع عليه، هو الذي فيه كل الصلاح. فيا للعجب!
ونرى الله هنا ليس فقط كالمصدق على كل ما كان في المسيح من صلاح، بل نراه أيضًا كالقاضي الذي يدين كل شر وُضِع على رأس المسيح المُبارك، حتى أنه ترك هنا ذلك العبد المُطيع الأمين؛ ومع ذلك كان هو إلهه أيضًا دون انقطاع. ويتمسك المسيح بالله إلهه بكل قوته صارخًا: «إِلَهِي، إِلَهِي»، حتى وإن أضاف قائلاً: «لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» ( مت 27: 46 ).
لقد كان ابن الآب حقًا، ولكن كابن الإنسان تحتم عليه أن يصرخ قائلاً: «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟». ففي هذه اللحظة دون غيرها، ترك الله خادمه الكامل: الإنسان يسوع المسيح. ومع ذلك فإننا نسجد أمام سر الأسرار في شخصه؛ «اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» ( 1تي 3: 16 ). فلو لم يكن إنسانًا، ماذا كنا نستفيد من عمله؟ ولو لم يكن الله فكيف كانت تكتسب الذبيحة قيمتها غير المحدودة التي استمدتها من شخصه؟ نعم، هذه هي الكفارة. وهي من حيث طابعها وفاعليتها أو مداها، لها وجهان: إنها كفارة أو تغطية كاملة أمام الله، كما أنها بدلية للخطايا «فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ» ( 1بط 3: 18 ).